باب فى ابن السبيل يأكل من التمر ويشرب من اللبن إذا مر

باب فى ابن السبيل يأكل من التمر ويشرب من اللبن إذا مر

حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبرى حدثنا أبى حدثنا شعبة عن أبى بشر عن عباد بن شرحبيل قال أصابتنى سنة فدخلت حائطا من حيطان المدينة ففركت سنبلا فأكلت وحملت فى ثوبى فجاء صاحبه فضربنى وأخذ ثوبى فأتيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال له « ما علمت إذ كان جاهلا ولا أطعمت إذ كان جائعا ». أو قال « ساغبا ». وأمره فرد على ثوبى وأعطانى وسقا أو نصف وسق من طعام.

كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس تعليما وتربية، فكان يعلم أصحابه الأحكام وكيفية تطبيقها، وكان يراعي الأوقات والأحوال عند وقوع الخطأ؛ حتى لا يقيم حدا في غير موضعه، ولا يوقع عقوبة في غير محلها أو وقتها
وفي هذا الحديث بيان لبعض هذه المعاني، حيث يخبر عباد بن شرحبيل رضي الله عنه قال: "قدمت مع عمومتي المدينة"، أي: جاؤوا إلى المدينة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك في عام مجاعة وقحط وقلة في الأزواد، كما بينت الروايات الأخرى، "فدخلت حائطا من حيطانها"، أي: بستانا ومزرعة، "ففركت من سنبله"، أي: أخرج ما فيه من الحبوب ليأكله، "فجاء صاحب الحائط، فأخذ كسائي"، أي: أخذ ثوبه نظير ما أفسده من السنبل والحبوب، "وضربني، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستعدي عليه"، أي: أشتكي منه بسبب ضربه لي، وأطلب النصرة، "فأرسل إلى الرجل، فجاؤوا به"، أي: جاؤوا بصاحب البستان إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ما حملك على هذا؟"، أي: ما سبب أخذك لثوبه وضربه؟ فقال الرجل: "يا رسول الله، إنه دخل حائطي فأخذ من سنبله، ففركه"، أي: كان هذا جزاء على تعديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما علمته إذ كان جاهلا، ولا أطعمته إذ كان جائعا"، أي: إنه كان جاهلا جائعا؛ فاللائق بك تعليمه؛ أولا: أن تعلمه حرمة مال الغير إلا بإذنه، حتى يكون على علم من ذلك، فإذا أقدم وهو عالم، استحق العقوبة، أو تعلمه بأن له ما سقط وإطعامه بالمسامحة عما أخذ ثانيا، وأنت ما فعلت شيئا من ذلك، وقد عذره النبي صلى الله عليه وسلم بالجهل حين حمل الطعام، ولام صاحب الحائط؛ إذ لم يطعمه ويرفق به إذ كان جائعا
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "اردد عليه كساءه"، أي: أرجعه إليه؛ لأنه لا حق لك فيه، وفي تمام الرواية عند ابن ماجه قال عباد بن شرحبيل: "وأمر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوسق أو نصف وسق"، والوسق: ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، ويساوي تقريبا ما بين 195 إلى 122.4 كيلوجراما بالأوزان الحديثة، حسب اختلاف تقديرات المذاهب
وفي الحديث: مشروعية الاستعداء وطلب النصرة من الأمراء على المعتدي
وفيه: العذر بالجهل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سكت عما فعله الرجل من فرك السنبل، وعنف صاحب البستان على تقصيره في حقه
وفيه: الحث على إطعام الجائع وتعليم الجاهل