باب فى الأرض يحميها الإمام أو الرجل

باب فى الأرض يحميها الإمام أو الرجل

 حدثنا ابن السرح أخبرنا ابن وهب أخبرنى يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « لا حمى إلا لله ولرسوله ». قال ابن شهاب وبلغنى أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمى النقيع.

في هذا الحديث يقول الصعب بن جثامة رضي الله عنه: "مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء- أو بودان-" وهما موضعان متجاوران بين مكة والمدينة، ويتبعان منطقة رابغ، وتبعدان عنها حوالي 67 كم شمال منطقة مكة المكرمة "فأهديت له من لحم حمار وحش"، والظاهر أن هذا اللحم جاء عن صيد للنبي صلى الله عليه وسلم، "وهو محرم" متلبس بالإحرام، "فرده علي" لم يقبل منه النبي صلى الله عليه وسلم هديته، "فلما رأى في وجهي الكراهة" بظهور أثر الحزن نتيجة رد هديته "قال" النبي صلى الله عليه وسلم: "إنه ليس بنا رد عليك، ولكنا حرم" وهو من جميل خلق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لما رأى تغير الصعب بن جثامة وحزنه من رد هديته، بين له أنه لم يردها لشيء إلا لأنه محرم لا يأكل الصيد، ولا يعارض امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن قبول الحمار الوحشي من الصعب بن جثامة، قبوله للأكل من الحمار الوحشي الذي اصطاده أبو قتادة رضي الله عنه كما في الحديث الآخر في الصحيحين، عندما اصطاد حمارا وحشيا وهو حلال، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل المحرمين منه، فأجاب بجواز أكلهم منه، بل وأكل منه هو أيضا؛ لأن الفرق بين الحالتين أن أبا قتادة رضي الله عنه لم يصطد الحمار من أجل النبي صلى الله عليه وسلم، بل اصطاده من أجل نفسه، ثم أكل معه أصحابه والنبي صلى الله عليه وسلم، بخلاف الصعب بن جثامة الذي اصطاد الحمار للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فلذلك رفض النبي صلى الله عليه وسلم قبوله أو الأكل منه؛ لأن المحرم لا يصطاد حال إحرامه، ولا يأكل من صيد اصطاده محرم أو حلال له
ثم قال الصعب بن جثامة رضي الله عنه: وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لا حمى" بمعنى المحمي، وهو مكان يحمى من الناس والماشية؛ ليكثر كلؤه وعشبه، "إلا لله ولرسوله"، أي: لا ينبغي لأحد أن يفعل ذلك إلا بإذن من الله ورسوله، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحمي لخيل الجهاد وإبل الصدقة، "وسئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم" يعني: يهجم عليها ليلا، فيصاب من نسائهم وذراريهم فيقتل بعضهم، وذلك عن خطأ لا عن قصد وتعمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم منهم-" يعني أن نساء المشركين وأطفالهم جزء منهم ويصابون بسبب كفر أهلهم؛ فلا حرج في إصابتهم إذا كانوا مختلطين معهم، ولا يمكن الوصول إلى قتل الكبار إلا بقتلهم، وليس المراد قتلهم بطريق القصد إليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء والصبيان، ولكن لما دعت الحاجة إلى ذلك فلم يكن مفر منها
"ثم يقول الزهري: ثم نهى عن ذلك بعد"، أي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إصابة الأطفال والنساء في الحروب نهائيا بعد أن كان أباحها