باب فى الخلفاء

باب فى الخلفاء

حدثنا حفص بن عمر النمرى حدثنا شعبة عن الحر بن الصياح عن عبد الرحمن بن الأخنس أنه كان فى المسجد فذكر رجل عليا عليه السلام فقام سعيد بن زيد فقال أشهد على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنى سمعته وهو يقول « عشرة فى الجنة النبى فى الجنة وأبو بكر فى الجنة وعمر فى الجنة وعثمان فى الجنة وعلى فى الجنة وطلحة فى الجنة والزبير بن العوام فى الجنة وسعد بن مالك فى الجنة وعبد الرحمن بن عوف فى الجنة ». ولو شئت لسميت العاشر. قال فقالوا من هو فسكت قال فقالوا من هو فقال هو سعيد بن زيد.

لقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا من الصحابة بالجنة؛ ولم يجعلهم ذلك يتقللون من العبادة، أو يتكلون على ذلك، ومن هؤلاء من عرفوا بالعشرة المبشرين بالجنة، وفي هذا الحديث يذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول: "عشرة في الجنة"، أي: ممن يدخلون الجنة هؤلاء العشرة، وهذا ليس حصرا، فقد بشر صلى الله عليه وسلم غيرهم بذلك أيضا: وهو أبو بكر الصديق عبد الله بن عثمان التيمي القرشي، وهو أول الخلفاء الراشدين، وهو وزير النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه، ورفيقه عند هجرته إلى المدينة المنورة، وهو أكثر الصحابة إيمانا وزهدا، ومن أحب الناس إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ولقبه النبي صلى الله عليه وسلم بالصديق؛ لكثرة تصديقه له
"وعمر في الجنة"، وهو عمر بن الخطاب العدوي القرشي، الملقب بالفاروق، وهو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، وهو وزير النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر، ومن علماء الصحابة وزهادهم. تولى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، وفي عهده زادت الفتوحات وانتشر الإسلام، وهو أول من مصر الأمصار ونظم الدولة الإسلامية
"وعلي" وهو ابن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره، وهو رابع الخلفاء الراشدين، وهو أول من أسلم من الصبيان، هاجر إلى المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بثلاثة أيام، وآخاه النبي صلى الله عليه وسلم مع نفسه، وزوجه ابنته فاطمة في السنة الثانية من الهجرة، وقد شارك في كل غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم عدا غزوة تبوك وكان أحد كتاب الوحي وأحد أهم سفرائه ووزرائه
"وعثمان" وهو عثمان بن عفان الأموي القرشي ثالث الخلفاء الراشدين، ومن السابقين إلى الإسلام، يكنى ذا النورين؛ لأنه تزوج من رقية ثم بعد وفاتها تزوج من أم كلثوم، وكان أول مهاجر إلى أرض الحبشة، ثم هاجر الهجرة الثانية إلى المدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثق به ويحبه ويكرمه لحيائه وأخلاقه وحسن عشرته وما كان يبذله من المال لنصرة المسلمين والذين آمنوا بالله، وفي خلافته جمع القرآن، وعمل توسعة للمسجد الحرام وكذلك المسجد النبوي، وأنشأ أول أسطول بحري إسلامي لحماية الشواطئ الإسلامية
"والزبير" وهو الزبير بن العوام القرشي الأسدي، ابن عمة النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن السابقين إلى الإسلام، يلقب بحواري رسول الله؛ وهو أول من سل سيفه في الإسلام، هاجر إلى الحبشة في الهجرة الأولى ولم يطل الإقامة بها، شارك في جميع الغزوات مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد مقتل عثمان بن عفان خرج إلى البصرة مطالبا بالقصاص من قتلة عثمان، فقتله عمرو بن جرموز في موقعة الجمل، فكان قتله في رجب سنة ست وثلاثين من الهجرة، وله أربع وستون سنة
"وطلحة" وهو طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب، من بني تيم بن مرة بن كعب، وهم أهل الصحابي أبي بكر الصديق، أسلم على يدي أبي بكر الصديق، وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقتل بعد موقعة الجمل
"وعبد الرحمن" وهو عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة، وهو من السابقين الأولين إلى الإسلام؛ إذ أسلم قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم، وهاجر الهجرتين وشهد بدرا وسائر المشاهد، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الخزرجي، وتصدق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله، ثم تصدق بأربعين ألف دينار، ثم حمل على خمسمائة فرس في سبيل الله وخمسمائة راحلة، وكان يصل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم بالعطايا والمال
"وأبو عبيدة" هو: عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب، وهو أحد السابقين الأولين إلى الإسلام، أسلم على يد أبي بكر الصديق في الأيام الأولى للإسلام. هاجر إلى الحبشة في الهجرة الثانية، وقد لقبه النبي صلى الله عليه وسلم بأمين الأمة، "وكان ممن ثبت مع الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده، مات بطاعون عمواس ودفن في قرية صغيرة حملت اسمه بالغور في الأردن
"وسعد بن أبي وقاص"، هو سعد بن أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة، فهو من بني زهرة وهم فخذ آمنة بنت وهب أم الرسول، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتز بهذه الخؤولة، ولد في مكة، واشتغل في بري السهام وصناعة القسي، وكان إسلامه مبكرا، يعتبر أول من رمى بسهم في سبيل الله، وافتداه الرسول صلى الله عليه وسلم بأبويه يوم أحد، ودعا له النبي صلى الله عليه وسلم: "اللهم سدد رميته، وأجب دعوته"، فكان مجاب الدعوة، وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم وجاهد مع الخلفاء وهو قائد موقعة القادسية وفاتح مدائن كسرى
فجميع هؤلاء الصحابة بشروا بالجنة وهم يمشون على الأرض في الدنيا فما أعظم ذلك من بشارة!
"قال"، أي: أحد رواة الحديث: "فعد هؤلاء التسعة وسكت عن العاشر"، يعني سعيد بن زيد الصحابي الذي روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال القوم: "ننشدك الله"، أي: نقسم عليك ونسألك به "يا أبا الأعور"، وهي كنية سعيد بن زيد، "من العاشر؟"، أي: من الصحابي العاشر الذي بشر بالجنة؟ "قال: نشدتموني بالله"، أي: أقسمتم علي وسألتموني بالله؛ فلذا سأجيبكم، "أبو الأعور في الجنة"، يعني نفسه، أي: سعيد بن زيد في الجنة
وفي الحديث: أن تسمية العشرة المبشرين بالجنة؛ لأنهم ذكروا في حديث واحد، وإن كان غيرهم بشر بالجنة أيضا