باب الأمر والنهى
حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا الفضل بن دكين حدثنا يونس بن أبى إسحاق عن هلال بن خباب أبى العلاء قال حدثنى عكرمة حدثنى عبد الله بن عمرو بن العاص قال بينما نحن حول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ ذكر الفتنة فقال « إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفت أماناتهم وكانوا هكذا ». وشبك بين أصابعه قال فقمت إليه فقلت كيف أفعل عند ذلك جعلنى الله فداك قال « الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه رضي الله عنهم كيف يعرفون الفتن، وكيف يكون حالهم فيها، وفي هذا الحديث يقول عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة، فقال: إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم"، أي: ظهر فيهم وانتشر فساد العهد ولم يوفوا به، والفتنة هي اختلاط الحق بالباطل فلا يعرف أهل الحق من أهل الباطل، "وخفت أماناتهم"، أي: قلت بينهم الأمانة فأصبح لا يعرف بها في ذلك الزمن إلا قليل. "وكانوا هكذا- وشبك بين أصابعه-"، أي: خلطوا فلا يميز فيهم الطيب من الخبيث والمؤمن من المنافق، قال ابن عمرو: "فقمت إليه"، أي: إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: "كيف أفعل عند ذلك! جعلني الله فداك؟"، أي: ما العمل عند ظهور هذا الزمن؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الزم بيتك"، أي: كن في بيتك أكثر أوقاتك فلا تخرج إلا لحاجة، "واملك عليك لسانك"، أي: ولا تتكلم فيما يحل بالناس وينتشر فيهم حتي يتركوك وشأنك، فلا تدخل في الفتنة بقول أو فعل "وخذ بما تعرف ودع ما تنكر"، أي: اقبل بما هو حق، واترك ما هو باطل "وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة"، أي: الزم نفسك وأحوالها وقومها ولا تنشغل بما يحل بالناس ويحدث فيهم، وهذا تأكيد ومزيد خلاص من الفتنة
وهذا كله يحمل على أن من عجز عن الأمر بالمعروف، أو خاف الضرر عموما، سقط عنه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد واللسان ويمكنه أن ينكره بقلبه