باب تسوية الصفوف
حدثنا هناد بن السري وأبو عاصم بن جواس الحنفي، عن أبي الأحوص ، عن منصور ، عن طلحة اليامي ، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء بن عازب، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا، ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وكان يقول: إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصفوف الأول.»
الصلاة عماد الدين، وركن الإسلام الركين، وقد علمنا النبي صلى الله عليه وسلم كيفيتها وآدابها وكل ما يتعلق بها، وقد أمرنا بتسوية الصفوف في الصلاة، وحث على الإسراع إليها واللحاق بالصف الأول
وهذا الحديث يبين اهتمام النبي عليه الصلاة والسلام بأمر الصلاة وتسوية الصفوف، وفيه يقول البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصفوف"، أي: يدخل بين الصفوف، "من ناحية إلى ناحية"، أي: يبدأ من جانب حتى ينتهي إلى الجانب الآخر متنقلا بين الصفوف، "يمسح مناكبنا وصدورنا"، أي: يضع يده على الأكتاف والصدور ليسوي الصفوف، وخاصة الصدور البارزة عن الصف، "ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم"، أي: لا يحصل منكم اختلاف بأبدانكم بالتقدم والتأخر، فيتسبب عنه اختلاف قلوبكم بالعداوة والبغضاء، والتحاسد، والشحناء
"وكان يقول: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف المتقدمة"، والصلاة من الله تعالى ثناؤه على العبد عند الملائكة، والرحمة له، وأما الصلاة من الملائكة، فبمعنى الدعاء والاستغفار للعبد، والمعنى: أن الله تعالى يثني على أهل الصفوف المتقدمة عند ملائكته، أو ينزل رحمته عليهم، وتدعو لهم الملائكة، وتستغفر لهم، وقوله: "على الصفوف المتقدمة"، أي: على الصف المتقدم في كل مسجد، أو في كل جماعة، فالجمع باعتبار تعدد المساجد، أو تعدد الجماعة، أو المراد الصفوف المتقدمة على الصف الأخير؛ فالصلاة من الله تعالى تكون لكل صف على حسب تقدمه
وفي الحديث: أن مخالفة أوامر الله تؤدي إلى التخالف بين قلوب البشر