باب فى الرخصة فى الرجل يخرج من ماله
حدثنا قتيبة بن سعيد ويزيد بن خالد بن موهب الرملى قالا حدثنا الليث عن أبى الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبى هريرة أنه قال يا رسول الله أى الصدقة أفضل قال « جهد المقل وابدأ بمن تعول ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يرشد أمته إلى معالي الأمور من الأقوال والأفعال، وكان يجيب السائلين بحسب حاجتهم وما يعلمه خيرا لهم؛ ولهذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كثير من الأقوال والأفعال الموصوفة بأنها الأفضل والأحسن والخير، وكذلك في الأسوأ والشر
وفي هذا الحديث يروي أبو هريرة رضي الله عنه أنه قال: "يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟"، أي: أي أنواع الصدقة تكون أفضل من غيرها؟ "قال: جهد المقل"، والجهد الوسع والطاقة، أو المشقة والغاية، والمقل: الفقير الذي معه شيء قليل من المال، والمعنى: إن أفضل الصدقة هو الذي يتصدق به الفقير قليل المال على قدر طاقته ووسعه مع مشقة ذلك عليه
ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "وابدأ بمن تعول"، أي: ابدأ بالذين تلزمك نفقتهم، والقيام بما يحتاجون إليه من قوت وكسوة، ووسع عليهم أولا زيادة على نفقتهم الواجبة، والمقصود: أن الأهل والقرابة أحق من غيرهم، وفي هذا رعاية نبوية لما جبلت عليه النفس من حب المال والولد، فتكون البداية بالنفقة على الأهل والأولاد، ثم ينتقل منها إلى النفقة على كل محتاج
وإنما كانت صدقة المقل أفضل من صدقة الغني؛ لأن الفقير يتصدق بما هو محتاج إليه، بخلاف الغني؛ فإنه يتصدق بفضول ماله، ويجمع بينه وبين حديث البخاري: "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى"-: أن يكون ما أخرجه الإنسان من ماله بعد أن يستبقي منه قدر الكفاية، وقدر ما يغنيه هو ومن يعوله بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته إلى أحد، وهذا في معنى الحديث المتقدم
وفي الحديث: الحث على الصدقة بطيب خاطر وإخلاص نية