باب فى السلام على أهل الذمة
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن سهيل بن أبى صالح قال خرجت مع أبى إلى الشام فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى فيسلمون عليهم فقال أبى لا تبدءوهم بالسلام فإن أبا هريرة حدثنا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال « لا تبدءوهم بالسلام وإذا لقيتموهم فى الطريق فاضطروهم إلى أضيق الطريق ».
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس مكارم الأخلاق، ويعلمهم العزة والقوة مع حسن الخلق
وفي هذا الحديث ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بدء اليهود والنصارى بالسلام ولو كانوا ذميين، فضلا عن غيرهم من الكفار؛ لأن الابتداء به إعزاز وإكرام للمسلم عليه، ولا يجوز إعزازهم ولا إكرامهم؛ فليسوا من أهله؛ فالذي يناسبهم الإعراض عنهم وترك الالتفاف إليهم تصغيرا لهم، وتحقيرا لشأنهم حتى كأنهم غير موجودين، وكذا لا يجوز موادتهم والتحبب إليهم، وبين صلى الله عليه وسلم أننا إذا لقينا أحدهم في طريق فنضطره -أي: نلجئه- إلى أضيق الطريق، قيل: من المعلوم أنه لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا رأى الكافر ذهب يزاحمه في الطريق حتى يجعله في جانب الطريق، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا باليهود في المدينة، ولا كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه بعد فتوح الأمصار. وعليه يكون المعنى: لا توسعوا لهم إذا قابلوكم إكراما لهم واحتراما، فيكون لهم السعة ويكون الضيق عليكم، بل استمروا في اتجاهكم وسيركم، واجعلوا الضيق -إن كان هناك ضيق- على هؤلاء، فالشارع قد أمر بتحقيرهم وعدم الالتفات إليهم والإعراض عنهم