باب فى الغيبة
حدثنا ابن المصفى حدثنا بقية وأبو المغيرة قالا حدثنا صفوان قال حدثنى راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير عن أنس بن مالك قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « لما عرج بى مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى أعراضهم ». قال أبو داود حدثناه يحيى بن عثمان عن بقية ليس فيه أنس.
الإسلام دين الأخلاق الحسنة، وقد أمر بحفظ الأعراض من أن تنتهك بالقول أو الفعل؛ لأنه مما يورث العداوة والبغضاء بين المسلمين، وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لما عرج بي"، أي: لما صعد بي إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج، "مررت بقوم"، أي: وهم النار، "لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم"، أي: يخدشون ويمزقون وجوههم وصدورهم بأظفارهم، فقلت: "من هؤلاء يا جبريل؟"، أي: ما الذي فعلوه ليجازوا بهذا العذاب؟ فقال جبريل عليه السلام: "هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون في أعراضهم"، أي: كأن الذي يغتاب غيره من المسلمين كمن يأكل لحمه، فيتناولون بالكلام في أعراضهم ولا يحفظونهم في غيبتهم، فكان جزاؤه من جنس عمله، فيمزقون لحم أنفسهم بأظفارهم، وقد قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم} [الحجرات: 12]، وهذا يدل على أن الوقوع في أعراض الناس وغيبتهم من الكبائر العظام
وفي الحديث: الترهيب من الغيبة، والتحذير الشديد من الوقوع في أعراض الناس