باب فى المقام عند البكر

باب فى المقام عند البكر

حدثنا عثمان بن أبى شيبة حدثنا هشيم وإسماعيل ابن علية عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أنس بن مالك قال إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا. وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا.
ولو قلت إنه رفعه لصدقت ولكنه قال السنة كذلك.

قوله ( حدثنا يوسف ابن راشد ) هو يوسف بن موسى بن راشد نسب لجده .

قوله ( حدثنا أبو أسامة عن سفيان ) في رواية نعيم من طريق حمزة بن عون عن أبي أسامة " حدثنا سفيان " .
قوله ( حدثنا أيوب ) هو السختياني وخالد هو الحذاء .
قوله ( عن أبي قلابة ) أي أنهما جميعا روياه عن أبي قلابة . لكن الذي يظهر أنه ساقه على لفظ خالد 
قوله ( قال من السنة ) أي سنة النبي صلى الله عليه وسلم ، هذا الذي يتبادر للفهم من قول الصحابي ، وقد مضى في الحج قول سلام بن عبد الله بن عمر لما سأله الزهري عن قول ابن عمر للحجاج " إن كنت تريد السنة هل تريد سنة النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فقال له سالم : وهل يعنون بذلك إلا سنته " .
قوله ( إذا تزوج الرجل البكر على الثيب ) أي يكون عنده امرأة فيتزوج معها بكرا كما سيأتي البحث عنه 
قوله ( أقام عندها سبعا وقسم ، ثم قال : أقام عندها ثلاثا ثم قسم ) كذا في البخاري بالواو في الأولى وبلفظ " ثم " في الثانية ، ووقع عند الإسماعيلي وأبي نعيم من طريق حمزة بن عون عن أبي أسامة بلفظ " ثم " في الموضعين 
قوله ( قال أبو قلابة : ولو شئت لقلت أن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) كأنه يشير إلى أنه لو صرح برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكان صادقا ويكون روي بالمعنى وهو جائز عنده ، لكنه رأى أن المحافظة على اللفظ أولى . وقال ابن دقيق العيد : قول أبي قلابة يحتمل وجهين أحدهما أن يكون ظن أنه سمعه عن أنس مرفوعا لفظا فتحرز عنه تورعا ، والثاني أن يكون رأى أن قول أنس " من السنة " في حكم المرفوع ، فلو عبر عنه بأنه مرفوع على حسب اعتقاده لصح لأنه في حكم المرفوع ، قال : والأول أقرب ، لأن قوله " من السنة " يقتضي أن يكون مرفوعا بطريق اجتهادي محتمل ، وقوله " إنه رفعه " نص في رفعه وليس للراوي أن ينقل ما هـو ظاهر محتمل إلى ما هـو نص غير محتمل انتهى ، وهو بحث متجه ، ولم يصب من رده بأن الأكثر على أن قول الصحابي " من السنة كذا " في حكم المرفوع لاتجاه الفرق بين ما هـو مرفوع وما هـو في حكم المرفوع ، لكن باب الرواية بالمعنى متسع ، وقد وافق هذه الرواية ابن علية عن خالد في نسبة هذا القول إلى أبي قلابة أخرجه الإسماعيلي ونسبه بشر بن المفضل وهشيم إلى خالد ، ولا منافاة بينهما كما تقدم لاحتمال أن يكون كل منهما قال ذلك 
قوله ( وقال عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن أيوب وخالد ) يعني بهذا الإسناد والمتن .
قوله ( قال خالد ولو شئت لقلت رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ) كأن البخاري أراد أن يبين أن الرواية عن سفيان الثوري اختلفت في نسبة هذا القول هل هو قول أبي قلابة أو قول خالد ، ويظهر لي أن هذه الزيادة في رواية خالد عن أبي قلابة دون رواية أيوب ، ويؤيده أنه أخرجه في الباب الذي قبله من وجه آخر عن خالد وذكر الزيادة في صدر الحديث ، وقد وصل طريق عبد الرزاق المذكورة مسلم فقال " حدثني محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق ولفظه : من السنة أن يقيم عند البكر سبعا ، قال خالد إلخ " وقد رواه أبو داود الحفري والقاسم  بن يزيد الجرمي عن الثوري عنهما أخرجه الإسماعيلي ، ورواه عبد الله بن الوليد العدني عن سفيان كذلك أخرجه البيهقي ، وشذ أبو قلابة الرقاشي فرواه عن أبي عاصم عن سفيان عن خالد وأيوب جميعا وقال فيه " قال صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو عوانة في صحيحه عنه وقال " حدثناه الصغاني عن أبي قلابة وقال : هو غريب لا أعلم من قاله غير أبي قلابة " انتهى . وقد أخرج الإسماعيلي من طريق أيوب من رواية عبد الوهاب الثقفي عنه عن أبي قلابة عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فصرح برفعه ، وهو يؤيد ما ذكرته أن السياق في رواية سفيان لخالد ، ورواية أيوب هذه إن كانت محفوظة احتمل أن يكون أبو قلابة لما حدث به أيوب جزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وأخرجه ابن حبان أيضا عنه عن عبد الجبار بن العلاء عن سفيان بن عيينة عن أيوب وصرح برفعه ، وأخرجه الدارمي والدارقطني من طريق محمد بن إسحاق عن أيوب مثله ، فبينت أن رواية خالد هي التي قال فيها " من السنة " وأن رواية أيوب قال فيها " قال النبي صلى الله عليه وسلم " واستدل به على أن هذا العدل يختص بمن له زوجة قبل الجديدة ، وقال ابن عبد البر : جمهور العلماء على أن ذلك حق للمرأة بسبب الزفاف وسواء كان عنده زوجة أم لا ، وحكى النووي أنه يستحب إذا لم يكن عنده غيرها وإلا فيجب . وهذا يوافق كلام أكثر الأصحاب ، واختار النووي أن لا فرق ، وإطلاق الشافعي يعضده ، ولكن يشهد للأول قوله في حديث الباب " إذا تزوج البكر على الثيب " ويمكن أن يتمسك للآخر بسياق بشر عن خالد الذي في الباب قبله فإنه قال " إذا تزوج البكر أقام عندها سبعا " الحديث ولم يقيده بما إذا تزوجها على غيرها ، لكن القاعدة أن المطلق محمول على المقيد ، بل ثبت في رواية خالد التقييد ، فعند مسلم من طريق هشيم عن خالد " إذا تزوج البكر على الثيب " الحديث . ويؤيده أيضا قوله في حديث الباب " ثم قسم " لأن القسم إنما يكون لمن عنده زوجة أخرى ، وفيه حجة على الكوفيين في قولهم : أن البكر والثيب سواء في الثلاث ، وعلى الأوزاعي في قوله للبكر ثلاث وللثيب يومان ، وفيه حديث مرفوع عن عائشة أخرجه الدارقطني بسند ضعيف جدا وخص من عموم حديث الباب ما لو أرادت الثيب أن يكمل لها السبع فإنه إذا أجابها سقط حقها من الثلاث وقضى السبع لغيرها ، لما أخرجه مسلم من حديث أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثا وقال : إنه ليس بك على أهلك هوان ، إن شئت سبعت لك ، وإن سبعت لك سبعت لنسائي " وفي رواية له " إن شئت ثلثت ثم درت ، قالت ثلث " وحكى الشيخ أبو إسحاق في " المهذب " وجهين في أنه يقضي السبع أو الأربع المزيدة ، والذي قطع به الأكثر إن اختار السبع قضاها كلها وإن أقامها بغير اختيارها قضى الأربع المزيدة 

" تنبيه " :

يكره أن يتأخر في السبع أو الثلاث عن صلاة الجماعة وسائر أعمال البر التي كان يفعلها ; نص عليه الشافعي . وقال الرافعي : هذا في النهار ، وأما في الليل فلا ، لأن المندوب لا يترك له الواجب ، وقد قال الأصحاب : يسوي بين الزوجات في الخروج إلى الجماعة وفي سائر أعمال البر ، فيخرج في ليالي الكل أو لا يخرج أصلا ، فإن خصص حرم عليه ، وعدوا هذا من الأعذار في ترك الجماعة . وقال ابن دقيق العيد : أفرط بعض الفقهاء فجعل مقامه عندها عذرا في إسقاط الجمعة ، وبالغ في التشنيع . وأجيب بأنه قياس قول من يقول بوجوب المقام عندها وهو قول الشافعية ، ورواه ابن القاسم عن مالك ، وعنه يستحب وهو وجه للشافعية ، فعلى الأصح يتعارض عنده الواجبان ، فقدم حق الآدمي ، هذا توجيهه ، فليس بشنيع وإن كان مرجوحا ، وتجب الموالاة في السبع وفي الثلاث ، فلو فرق لم يحسب على الراجح لأن الحشمة لا تزول به ، ثم لا فرق في ذلك بين الحرة والأمة ، وقيل هي على النصف من الحرة ويجبر الكسر