باب: فيما يصرف الفيء إذا لم يوجب عليه بقتال 3

بطاقات دعوية

باب: فيما يصرف الفيء إذا لم يوجب عليه بقتال 3

 عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا يقتسم ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤونة عاملي فهو صدقة. (م 5/ 156

أكرَمَ اللهُ الرُّسُلَ بأنْ قَطَعَ حَظَّهم مِنَ الدُّنيا، فكانوا أزهَدَ النَّاسِ فيها، وأمَّا ما يَأتِيهم مِنها فإنَّهم يَأْخُذونَ حاجَتَهم، ثمَّ يَرُدُّونَ الباقيَ في مَصالِحِ المُسلِمينَ.
وفي هذا الحَديثِ يَأمُرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ -فالخبَرُ هنا بمعْنى النَّهيِ- بأنَّه لا يُقسِّمُ وَرَثَتُه ممَّن كانَ له حَقُّ إرْثِه -لو كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُوَرِّثًا- «دِينارًا» ممَّا تَرَكَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعْدَ مَوتِه، وهذا مِن بابِ التَّنبيهِ على غَيرِه، فالمُرادُ: لا يَقتَسِمْ وَرَثَتي دِينارًا ولا دِرهمًا ولا غَيرَهما مِنَ الأموالِ؛ لِأنَّ ما تَرَكَه بعْدَ نَفَقةِ نِسائِه ومَؤُونةِ عامِلِه، فهو صَدَقةٌ، فكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَأخُذُ مِنَ الأراضي التي كانتْ له -كفَدَكَ ونَحوِها- نَفَقَتَه ونَفَقةَ أهلِه، ويَصرِفُ الباقيَ في مَصالِحِ المُسلِمينَ، والمُرادُ بـ«عامِلِه» قيلَ: الخَليفةُ بعْدَه، وقيلَ: يُريدُ بذلكَ العامِلَ على النَّخْلِ في أرضِه التي أفاءَها اللهُ عليه مِن بَنى النَّضيرِ، وفَدَكَ، وسَهمِه مِن خَيبَرَ، وقيلَ: المُرادُ به خادِمُه، وقيلَ: العامِلُ على الصَّدَقةِ.
وفي الحَديثِ: رِعايةُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِأهلِه، وحِرصُه عليهم، وإعطاءُ العُمَّالِ وغَيرِهم ممَّن يَقومُون بأُمورِ المُسلِمينَ مِنَ المالِ ما يُفَرِّغُهم لِأداءِ المُهِمَّةِ المُكَلَّفينَ بها.
وفيه: أنَّ الأنبياءَ لا يُوَرِّثونَ، بل يُتصَدَّقُ بكُلِّ ما تَرَكوه.