باب: في الغسل من الجنابة 3
سنن ابن ماجه
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن جعفر بن محمد، عن أبيه
عن جابر، قال: قلت: يا رسول الله أنا في أرض باردة، فكيف الغسل من الجنابة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أما أنا فأحثو على رأسي ثلاثا" (2).
علَّمَنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أمورَ الطَّهارةِ، وكَيفِيَّةَ الاغْتِسالِ من الجَنابَةِ، وبَيَّنَ تَيسيرَ الإِسلامِ في هذا الأمْرِ.
وفي هذا الحديثِ يقول جَابِرُ بن عبدِ اللهِ رضِيَ اللهُ عنهما: «قُلْتُ: يا رسولَ اللهِ، أنا في أرْضٍ بارِدَةٍ»، أي: جَوُّها بارِدٌ؛ «فَكيفَ الغُسْلُ مِن الجَنابَةِ؟»، وذلك أنَّه ربَّما يَشُقُّ عليه اسْتِعمالُ الماءِ مع تِلك البُرودَةِ، ورُبَّما يَجدُ عندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَترخَّصُ فيه، وتُطلَقُ الجَنابَةُ على كُلِّ من أنْزلَ المَنِيَّ أو جامعَ زَوجَتَهُ، وسُمِّيتْ بذلك لاجْتنابِ صاحِبِها الصَّلاةَ والعِباداتِ حتى يَطهُرَ منها. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «أمَّا أنا فَأحْثو على رَأسي ثَلاثًا»، أي: أفيضُ وأصُبُّ على رأسي ثَلاثَ حِفناتٍ بِيدَيَّ، والحَثو أخْذُ الماءِ بالكَفِّ، وهذا لِغسلِ الرَّأسِ وتَعميمِهِ بالماءِ، ثُمَّ مُتابَعةُ تَعميمِ كُلِّ الجَسدِ وتَنظيفِه، ولعله ذَكرَ الرَّأسَ فقط لَيُبيِّنَ التَّخفيفَ في الغُسلِ بما يُطَهِّرُ الجَسدَ دون مُبالَغَةٍ في الماء، وخاصَّةً في وَقتِ البَردِ الذي سأله عنه جابرٌ( ).