باب في المبادرة إلى الخيرات 1
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا ، يبيع دينه بعرض من الدنيا )) رواه مسلم .
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا على أمته؛ فكان يعظ المؤمنين ويرشدهم إلى العمل الصالح، ويحذرهم ويخوفهم من التراخي، وتأخير طاعات اليوم إلى الغد؛ فلا يدري المسلم ما يأتي به غد
وفي هذا الحديث يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين بالمسابقة والمسارعة بالأعمال الصالحة قبل مجيء الفتن التي تكثر في آخر الزمان، أو قبل الانشغال عنها بوقوع الفتن التي تثبط العامل عن عمله، والمراد بها: الفتن التي يخلط فيها الحق بالباطل بين أهل الإسلام، فيصعب على المطلع الفصل والتمييز فيها، وتلك الفتن تكون كقطع الليل المظلم لا يتميز بعضها من بعض، وهذا كناية عن شدتها وضررها وشمولها لكل من شهدها، ويكون المرء في التباس منها؛ لا يتميز بعضها من بعض، ومن شدة تلك الفتن يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، أو يمسي مؤمنا ويصبح كافرا، فيأتيه من الفتن ما تزل به قدمه عن صفة الإيمان؛ وهذا لعظم الفتن ينقلب الإنسان في اليوم الواحد هذا الانقلاب! ومن شدة تلك الفتن أيضا أن يترك المرء دينه من أجل متاع دنيء، وثمن رديء. وقوله صلى الله عليه وسلم: «بعرض من الدنيا»، أي: ما يعرض فيها، وكل ما في الدنيا فهو عرض، وسمي بذلك؛ لأنه يعرض ويزول؛ إما أن تزول أنت قبله، أو يزول هو قبلك. والمبادرة بالأعمال الصالحة عاصم من تلك الفتن بفضل الله تعالى، فليحذر المؤمن، وليسابق بفعل الحسنات قبل الفوات
وفي الحديث: علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم
وفيه: الحث على المبادرة إلى الأعمال الصالحة قبل الانشغال عنها بوقع الفتن
وفيه: التحذير من الفتن والابتلاء عموما
وفيه: عدم الاغترار بما قدم المرء من صالحات، والحث على مداومة الخوف من الله؛ فإنما الأعمال بالخواتيم
وفيه: التمسك بالدين والحرص عليه، والاحتياط عند التمتع بعرض الدنيا