باب في المبادرة إلى الخيرات 9
بطاقات دعوية
عَنْ أبي هريرة : أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ يَومَ خيبر: «لأُعْطِيَنَّ هذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ يَفتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيهِ» قَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه: مَا أحبَبْتُ الإِمَارَة إلَاّ يَومَئِذٍ، فَتَسَاوَرتُ لَهَا رَجَاءَ أَنْ أُدْعَى لَهَا، فَدَعا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - فَأعْطَاهُ إيَّاهَا، وَقالَ: «امْشِ وَلَا تَلتَفِتْ حَتَّى يَفْتَح اللهُ عَلَيكَ» فَسَارَ عليٌّ شيئًا ثُمَّ وَقَفَ ولم يلتفت فصرخ: يَا رَسُول الله، عَلَى ماذا أُقَاتِلُ النّاسَ؟ قَالَ: «قاتِلْهُمْ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لا إلهَ إلَاّ اللهُ، وَأنَّ مُحَمدًا رسولُ الله، فَإِذَا فَعَلُوا فقَدْ مَنَعوا مِنْكَ دِمَاءهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَاّ بحَقِّهَا، وحسَابُهُمْ عَلَى الله». رواه مسلم. (1)«فَتَسَاوَرْتُ» هُوَ بالسين المهملة: أي وثبت متطلعًا.
الإسلام هو دين الحق الذي ارتضاه الله سبحانه للناس كافة، ولن يقبل من أحد دينا سواه؛ قال الله تعالى: {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} [آل عمران: 85].وفي هذا الحديث يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أمره بقتال المشركين المحاربين والواقفين أمام الدعوة إلى الإسلام الذين أذن الله في قتالهم، حتى يشهدوا لله سبحانه وتعالى بالوحدانية، ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة، ويقيموا الصلاة المكتوبة «الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء» بالمداومة على الإتيان بها بشروطها، ويؤتوا الزكاة المفروضة؛ وهي عبادة مالية واجبة في كل مال بلغ المقدار والحد الشرعي، وحال عليه الحول -وهو العام القمري «الهجري»- فيخرج منه ربع العشر، فتؤخذ من أغنيائهم، وتصرف في الفقراء، وإنما خص الصلاة والزكاة بالذكر؛ لأنهما أم العبادات البدنية والمالية وأساسهما، والعنوان لغيرهما.فإذا فعلوا هذه الأمور، أصبحت دماؤهم وأموالهم معصومة بعصمة الإسلام. ثم قال: إلا بحق الإسلام، وهذا استثناء من العصمة، أي: فإن الإسلام يعصم دماءهم وأموالهم، فلا يحل قتلهم إلا إذا ارتكبوا جريمة أو جناية يستحقون عليها القتل بموجب أحكام الإسلام؛ فيقتل القاتل قصاصا، ويقتل المرتد والزاني المحصن حدا، ثم يوم القيامة يتولى الله تعالى حسابهم؛ فيثيب المخلص، ويعاقب المنافق، وليس لنا إلا الظاهر.ولا يعني هذا الحديث إكراه المشركين على الدخول في الإسلام، بل هم مخيرون بين الدخول في الإسلام أو دفع الجزية؛ فإن أبوا إلا منع الدعوة إلى الإسلام، فليس إلا المقاتلة؛ فالقتال هو لمن يقاتلنا إذا أردنا إظهار دين الله تعالى، كما أوضحته نصوص الكتاب والسنة