باب: في المتشبع بما لم يعط
بطاقات دعوية
عن أسماء - رضي الله عنها - جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت إن لي ضرة فهل علي جناح أن أتشبع من مال زوجي بما لم يعطني (2) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (3). (م 6/ 169
لقدْ ربَّى الإسلامُ أتْباعَه على الصِّدقِ والعِفَّةِ والأمانةِ؛ فلا يَنبغي للمُسلمِ أنْ يدَّعِيَ ما ليْس فيهِ، ولا أنْ يَتظاهرَ بغيرِ الحَقيقةِ.
وفي هذا الحديثِ تَرْوي عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّ امرأةً قالت للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «يا رسولَ الله، أَقولُ» لِغَيري مِن النَّاسِ أو النِّساءِ: «إنَّ زَوْجي أعطاني ما لم يُعطِني»، وإنَّما تقولُ النِّساءُ مِثلَ هذا عُمومًا؛ للتَّظاهُرِ على ضَرائِرهِنَّ حتَّى يَتضايَقْنَ في أنفُسِهنَّ، وحتَّى يَتظاهَرْنَ بِحُظْوَتِهِنَّ عندَ الأزواجِ، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «المتشبِّعُ بما لم يُعْطَ كَلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ»، والمعنى: أنَّ المتكثِّرَ بما ليْس عندَه بأنْ يُظهِرَ أنَّ عندَه ما ليْس عندَه، يَتزايَدُ ويتَعالَى بذلك عندَ النَّاسِ ويَتزيَّنُ بالباطلِ؛ فهو مَذْمومٌ كما يُذَمُّ مَن لَبِس ثَوْبَيْ زُورٍ، وهو مَن يُزوِّرُ على النَّاسِ، كمَنْ يَلْبَسُ لِباسَ ذَوِي التقشُّفِ ويَتزيَّا بزِيِّ أهلِ الزُّهدِ والصَّلاحِ والعِلمِ وليس هو بتِلك الصِّفةِ، وأضافَ الثَّوبَيْن إلى الزُّورِ؛ لأنَّهما لُبِسَا لأجلِه؛ فالإضافةُ لِأَدْنَى مُلابَسةٍ، والتَّثنِيَةُ اعتبارًا بالرِّداءِ والإزارِ.
والنَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أرادَ بذلك تَنفيرَ المرأةِ عمَّا ذكَرَتْ؛ خَوفًا مِن الفَسادِ بيْنَ زَوجِها وضَرَّتِها، فتُورَثَ بيْنهما البَغضاءُ، وتَنفيرَ الأُمَّةِ كلِّها مِن سُلوكِ هذا السَّبيلِ؛ فحَسْبُ المُسلمِ أنْ يَراهُ اللهُ على خَيرٍ ويَرْضى عنه.
وفي الحديثِ: النَّهيُ عن ادِّعاء الإنسانِ ما ليس له مِن الفَضائلِ بالفِعل أو القولِ.