باب في بيان كثرة طرق الخير 25
بطاقات دعوية
عن أبي موسى - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «على كل [ص:66] مسلم صدقة» قال: أرأيت إن لم يجد؟ قال: «يعمل بيديه فينفع نفسه ويتصدق» قال: أرأيت إن لم يستطع؟ قال: «يعين ذا الحاجة الملهوف (1)» قال: أرأيت إن لم يستطع، قال: «يأمر بالمعروف أو الخير». قال: أرأيت إن لم يفعل؟ قال: «يمسك عن الشر، فإنها صدقة». متفق عليه. (2)
__________
(1) قال النووي في شرح صحيح مسلم 4/ 101 (1008): «الملهوف يطلق على المتحسر والمضطر والمظلوم».
أصل الصدقة ما يخرجه المرء من ماله متطوعا به، ولأن الشريعة الإسلامية جاءت باليسر والرحمة بالناس أجمعين، لم يجعل الله الصدقة حكرا على أهل الغنى ومن عنده فضل مال، بل وسع باب الخير والبر أمام عباده؛ ليشمل كل معروف يبذله المسلم
وفي هذا الحديث يوضح صلى الله عليه وسلم هذا المعنى ويؤكده، حيث أخبر بأن على المسلم في كل يوم -مهما كان غنيا أو فقيرا- صدقة، فسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم: فإن لم يجد الإنسان ما يتصدق به؟ فدلهم النبي صلى الله عليه وسلم على أن يعمل المرء بيده ما يعود عليه بالكسب لنفسه، ويتصدق من هذا الكسب، فقيل: فإن لم يستطع أن يعمل، أو لم يفعل كسلا؟ فدلهم صلى الله عليه وسلم على ما هو أيسر؛ بأن يعين ويساعد المحتاج الملهوف، أي: المكروب والمستغيث، قيل: فإن لم يفعل؛ لعدم قدرة أو لكسل؟ فقال صلى الله عليه وسلم: فليأمر بالخير، كأمر بمعروف أو نهي عن منكر، قيل: فإن لم يفعل؟ فدلهم صلى الله عليه وسلم على عمل آخر؛ وذلك بأن يمسك نفسه عن فعل الشر؛ فإنه له صدقة؛ فإن ترك الشر عمل وكسب يثاب عليه العبد إذا كان تركه من أجل الله تعالى
وفي الحديث: أن المؤمن إذا لم يقدر على باب من أبواب الخير ولا فتح له، فعليه أن ينتقل إلى باب آخر يقدر عليه
وفيه: تعدد أوجه الخير والصدقة