باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه
بطاقات دعوية
حديث أبي هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: جعل الله الرحمة مائة جزء فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءا وأنزل في الأرض جزءا واحدا فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها، خشية أن تصيبه
رحمة الله تعالى وسعت كل شيء، ورحمته في الآخرة أضعاف ما جعله في الدنيا، وهذا يبعث في النفوس الرجاء والأمل في الله، والتوبة والعودة له سبحانه وتعالى
وفي هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة» وفي هذا بشرى للمؤمنين والعصاة والمذنبين أن يتوبوا ويعودوا إلى الله، وهذه الرحمة التي جعلها الله في خلقه وعباده مخلوقة، أما الرحمة التي هي صفة من صفات الرب سبحانه القائمة بذاته سبحانه، وهي تليق بجلاله وعظمته ليست بمخلوقة
«كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض»، أي: تملأ ما بين السماء والأرض ومقصوده التعظيم والتكثير لقيمة هذه الرحمة، «فجعل منها في الأرض رحمة» أي: جزءا واحدا من المئة جزء، وهذا الجزء الواحد الذي جعله الله في الدنيا؛ به تعطف الوالدة على ولدها، وذلك ببذلها الرعاية له والسهر على راحته، وحمايته من كل ما يؤذيه، «والوحش» وهو كل حيوان غير مستأنس، و«الطير» أي: تتراحم الأجناس فيما بينها بعضها على بعض، ولعل تخصيص الوحش والطير لشدة نفورها، كل ذلك من رحمة واحدة أنزلها الله في الدنيا، وتبقى الأجزاء التسعة والتسعون إلى يوم القيامة أكملها الله سبحانه مائة رحمة بهذه الرحمة، فيرحم الله بجميعها عباده المؤمنين الموحدين