باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه
بطاقات دعوية
حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، فإذا امرأة من السبي قد تحلب ثديها، تسقي إذا وجدت صبيا في السبي، أخذته، فألصقته ببطنها وأرضعته فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم: أترون هذه طارحة ولدها في النار قلنا: لا وهي تقدر على أن لا تطرحه فقال: لله أرحم بعباده، من هذه بولدها
الله عز وجل واسع الرحمة، جزيل العطاء لمن آمن وعمل صالحا، فمهما بلغت ذنوب العبد وكثرت خطاياه، ثم تاب وأناب إلى الله؛ تاب الله عليه، وقبله وأجزل له المثوبة
وفي هذا الحديث تقريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعة رحمة الله عز وجل، فيخبر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي، أي: عبيد، وهم أسرى الحرب، قيل: هم أسرى هوازن، فإذا امرأة من السبي فقدت صبيها وتضررت باجتماع اللبن في ثديها، «قد تحلب ثديها»، وفي نسخة من الصحيح: «تحلب ثديها»، أي: سال اللبن من ثديها، تسقي به الصبيان، وفي أثناء سعيها وجدت ابنها بعينه، فأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته. فوظف رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المشهد ليبين للحاضرين سعة رحمة الله عز وجل، وذلك بأن سألهم: أتظنون أن هذه المرأة رامية ولدها هذا في النار مختارة وهي تقدر على ألا ترميه فيها؟ فأجاب الحاضرون: لا تطرحه في النار طائعة أبدا، فقال صلى الله عليه وسلم: لله أرحم بعباده -أي: المؤمنين- من هذه المرأة بولدها
وفي الحديث: ضرب المثل بما يدرك بالحواس لما لا يدرك بها؛ لتحصيل معرفة الشيء على وجهه، وإن كان الذي ضرب له المثل لا يحاط بحقيقته