باب في صلاة الاستسقاء 2
بطاقات دعوية
عن أنس - رضي الله عنه - قال أصابنا ونحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مطر قال فحسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثوبه حتى أصابه من المطر فقلنا يا رسول الله لم صنعت هذا قال لأنه حديث عهد بربه تعالى. (م 3/ 26
خلَقَ اللهُ الخَلقَ، وجعَلَ في بعضِ مَخلوقاتِه كماءِ المطرِ النَّفعَ والبرَكةَ لابنِ آدَمَ، فقدْ قال اللهُ تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ} [ق: 9]، وقال سُبحانَه: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا} [الفرقان: 48].
وفي هذا الحَديثِ يَرْوي أنَسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ المطرَ نزَلَ ذاتَ مرَّةٍ وهُم معَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فكَشَفَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الثَّوبَ ورفَعَه عن بَعضِ بَدنِه حتَّى يُبلِّلَه ماءُ المطرِ النَّازلُ منَ السَّماءِ، فسأَلوا رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «لِمَ صَنعْتَ هذا؟» وهذا استِفهامٌ منَ الصَّحابةِ لِيعلَموا ويَتعلَّموا الحِكمةَ مِن فِعلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم؛ لأنَّه فِعلٌ جَديدٌ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ معَ نُزولِ المطرِ، وكُلُّ أَفعالِه سُنَّةٌ يُقتدَى بها، فكان جَوابُه عنْ سُؤالِهم بتَعليلِه: «لأنَّه حَديثُ عَهدٍ برَبِّه تَعالى»، أي: نزَلَ من بينِ السَّماءِ والأرْضِ، كما قال اللهُ عزَّ وجلَّ: {وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} [البقرة: 164]، فهو قريبُ العهدِ بتَكْوينِ ربِّه، وهو رِزقٌ ورحمةٌ، وقد سمَّاه اللهُ عزَّ وجلَّ رحمةً ومُباركًا وطَهورًا، وجعَلَه سبَبَ الحَياةِ ومُبعِدًا عنِ العقوبةِ.
وفي الحَديثِ: كَشفُ البَدنِ -غيرَ العوْرةِ- عندَ نُزولِ المطَرِ لِيُصيبَ الجَسدَ.
وفيه: أنَّ على المَفضولِ إذا رأَى منَ الفاضلِ شيئًا لا يَعرِفُه أنْ يَسألَه عنهُ ليَعلَمَه، فيَعمَلَ به ويُعلِّمَه غيرَه.