باب في فضائل بلال بن رباح مولى أبي بكر الصديق - رضي الله عنهما -
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبلال صلاة الغداة يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته عندك في الإسلام منفعة فإني سمعت الليلة خشف نعليك بين يدي في الجنة قال بلال ما عملت عملا في الإسلام أرجى عندي منفعة من أني لا أتطهر طهورا تاما في ساعة من ليل ولا نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي. (م 7/ 146
في الوُضوءِ والصَّلاةِ طَهارةٌ للظاهرِ والباطنِ، وحِرصُ المسلِمِ على هاتَينِ الشَّعيرتَينِ العَظيمتَينِ طَريقٌ لعُلوِّ دَرَجتِه ومَنزلتِه في الدُّنيا والآخِرةِ.
وفي هذا الحديثِ يَسأَلُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بِلالَ بنَ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه عن عمَلِ التطوُّعِ الذي يَرْجو أنَّه الأكثَرُ ثَوابًا مِن اللهِ تعالَى بعْدَ أنْ أسْلَمَ، ثمَّ بيَّن له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سَببَ سُؤالِه ذلك، بأنَّه سَمِع دَفَّ نَعْلَيْهِ بيْن يَدَيْه، أي: سَمِعَ صَوتَ مَشْيِه أمامَه بنَعْلَيه في الجنَّةِ، والدَّفُّ معناهُ: الحرَكةُ، وهذه شَهادةٌ مِن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لبِلالٍ رَضيَ اللهُ عنه بأنَّه مِن أهلِ الجنَّةِ، وقد سَأَلَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هذا السُّؤالَ بعْدَ صَلاةِ الفجْرِ، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ ذلك وَقَعَ في رُؤيا مَنامٍ منه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لِما في رِوايةِ مُسلمٍ: «فإنِّي سَمِعْتُ اللَّيلةَ»؛ لأنَّ عادتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه كان يَقُصُّ ما رآهُ على أصحابِه بعْدَ صَلاةِ الفَجرِ، وكذلِك يقصُّ عليه أصحابُه ما رأَوْه.
فأجابَ بِلالٌ رَضيَ اللهُ عنه النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وبيَّن له هذا العمَلَ، وهو أنَّ مِن عادتِه أنَّه لا يَتطهَّرُ طُهورًا -يَقصِدُ الوُضوءَ مِن الحدَثِ، أو الاغتسالَ ورفْعَ الجَنابةِ- في أيِّ وَقتٍ مِن لَيلٍ أو نَهارٍ؛ إلَّا صلَّى بذلك الطُّهورِ ما استطاعَ أنْ يُصلِّيَه، فبلَغَ به هذا العملُ المَبلغَ العَظيمَ الَّذي ذكَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ ولعلَّ مِن الحِكمةِ في ذلِك: أنَّ الصَّلاةَ عقِبَ الطُّهورِ أقرَبُ إلى اليَقينِ في الطَّهارةِ.
وفي الحديثِ: بَيانٌ لفَضيلةِ التَّنفُّلِ بالصَّلاةِ بعْدَ الوُضوءِ أو الغُسلِ.
وفيه: عَظيمُ مُجازاةِ اللهِ عزَّ وجلَّ لعِبادِه على اليَسيرِ مِن أعمالِهِم.
وفيه: مَنقبةُ بِلالٍ وفَضْلُه رَضيَ اللهُ عنه.