باب في فضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم3
سنن الترمذى
حدثنا إسحاق بن منصور، وعبد بن حميد، قالا: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن ثابت، عن أنس، قال: بلغ صفية أن حفصة، قالت: بنت يهودي، فبكت، فدخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال: «ما يبكيك»؟ فقالت: قالت لي حفصة: إني بنت يهودي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وإنك لابنة نبي، وإن عمك لنبي، وإنك لتحت نبي، ففيم تفخر عليك؟» ثم قال: «اتقي الله يا حفصة» هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه
وفي هذا الحديثِ يَحكي أَنَسُ بنُ مالِكٍ رَضيَ اللهُ عنه: أنَّه بَلَغَ "صَفيَّةَ" بنتَ حُييِّ بنِ أَخْطَبَ رَضيَ اللهُ عنها، أنَّ "حَفْصَةَ" بِنتَ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضيَ اللهُ عنها، "قالتْ"، أي: في حَقِّ صَفيَّةَ: إنَّها "بنتُ يَهوديٍّ"، أي: إنَّ أباها مَنَ اليهودِ، "فبَكَتْ" صفِيَّةُ مِنْ هذا الكلامِ، فدَخَلَ "عليها"، أي: على صَفِيَّةَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهي تَبْكي، "فقال" لها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ما يُبْكيكِ"؟ أي: ما الذي جَعَلَكِ تَبْكينَ؟ قالتْ صفيَّةُ: "قالتْ لي حَفْصَةُ"، أي: في حَقِّي: "إنِّي بِنتُ يَهوديٍّ" تُريدُ أنْ تُعيَّرني وتَنتَقِصَ مِنْ قَدْري بذلِكَ.
فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مادحًا لها ومُطيِّبًا خاطِرَها: "وإنَّكَ" يا صفيَّةُ، "لابنةُ نَبيٍّ"، وهو هارونُ بنُ عِمرانَ عليه السَّلامُ؛ لأنَّها مِنْ ذُريَّتِهِ، وقيل المُرادُ: إسحاقُ بنُ إبراهيمَ عليهما السَّلامُ، "وإنَّ عَمَّكِ لنَبيٌّ"، أي: موسى بنُ عِمرانَ كليمُ اللهِ عليه السَّلامُ، وقيل المُرادُ: إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ عليهما السَّلامُ، "وإنَّكَ لتَحْتَ نبيٍّ"، أي: زَوْجةُ النبيِّ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ "ففيمَ"، أي: في أيِّ شيءٍ "تَفْخَرُ عليكِ" حَفْصةُ بنتُ عُمَرَ، وليس لها مِثلُ هذه المَنقَبةِ والمزيَّةِ التي لكِ؟! "ثُمَّ قال" النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لحَفْصةَ: "اتَّقي اللهَ يا حَفْصةُ"، وذلك بتَرْكِ هذا الكلامِ المُنهيِّ عنه، وخافي مِنَ اللهِ تعالى بفِعْلِ أوامِرِهِ وتَرْكِ نَواهِيهِ.
وفي الحديثِ: أَمْرُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأَهْلِ بيتِهِ بالمعروفِ ونَهيهُ لهم عِنْ المُنْكَرِ.
وفيه: فَضْلُ أُمِّ المؤمنينَ صفيَّةَ بنتِ حُييِّ بنِ أخطبَ رَضيَ اللهُ عنها.