‌‌باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة2

سنن الترمذي

‌‌باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة2

حدثنا قتيبة، وأبو سعيد الأشج قالا: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن عمرو بن قيس، عن عاصم، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تابعوا بين الحج والعمرة، فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد، والذهب، والفضة، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة» وفي الباب عن عمر، وعامر بن ربيعة، وأبي هريرة، وعبد الله بن حبشي، وأم سلمة، وجابر.: «حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن مسعود»
‌‌

فَريضةُ الحجِّ هي الرُّكنُ الخامسُ مِن أركانِ الإسلامِ، وهي الفَريضةُ التي تَستوجِبُ مُفارَقةَ المَألوفاتِ والعاداتِ استجابةً لرَبِّ العالَمينَ، وقد وَعَدَ اللهُ تعالَى مَن أدَّاها بحقِّها بأعظَمِ الجَزاءِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن حَجَّ للهِ مُبتغيًا وجْهَه بلا رِياءٍ ولا سُمعةٍ، فلَم يَرفُث، بمعنى: فلم يَفعَلْ شَيئًا مِن الجِماعِ أو مُقدِّماتِه، وقيل: الرَّفَثُ اسمٌ للفُحشِ مِن القولِ، ولَم يَفسُقْ، أي: ولَم يَرتكِبْ إثمًا أو مُخالَفةً شَرعيَّةً -صَغيرةً أو كَبيرةً- تُخرِجُه عَن طاعةِ اللهِ تعالَى، وإنَّما صرَّحَ بنَفْيِ الفِسقِ في الحجِّ، مع كَونِه مَمنوعًا في كلِّ حالٍ، وفي كلِّ حِينٍ؛ لزِيادةِ التَّقبيحِ والتَّشنيعِ، ولزِيادةِ تَأكيدِ النَّهيِ عنه في الحجِّ، وللتَّنبيهِ على أنَّ الحجَّ أبعَدُ الأعمالِ عن الفِسقِ. فمَن فَعَلَ ذلك عادَ بعدَ حَجِّه نَقيًّا مِن خَطاياهُ كما يَخرُجُ المولودُ مِن بطْنِ أُمِّه، أو كأنَّه خَرَجَ حِيَنئذٍ مِن بَطْنِ أُمِّه، ليس عليه خَطيئةٌ ولا ذَنْبٌ.
وفي الحديثِ: بَيانُ فضْلِ الحجِّ، وأنَّ الحجَّ المُستوفيَ لشُروطِه مُكفِّرٌ للذُّنوبِ جَميعِها صَغائرَ وكَبائرَ، إلَّا ما وَرَدَ في حُقوقِ العِبادِ.