‌‌باب ما جاء في عظم أهل النار1

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في عظم أهل النار1

حدثنا عباس الدوري قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا شيبان، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إن غلظ جلد الكافر اثنتان وأربعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد، وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة» هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث الأعمش "

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَستَخدِمُ أسلوبَ التَّرغيبِ تارَةً والتَّرهيبِ أخرى، فتارةً يُرغِّبُ في الجنَّةِ، ويَصِفُها ويُجسِّدُها ويُوضِّحُ نَعيمَها حتَّى تَشتاقَ إليها النُّفوسُ، وتجتَهِدَ للفوزِ بها، وتارةً يُحذِّرُ مِن النَّارِ، ويُبيِّنُ شدَّةَ عَذابِها وأهوالِها وفزَعِها حتَّى تَخشَعَ النُّفوسُ، وتجتَهِدَ للنَّجاةِ منها، كما في هذا الحديثِ، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "إنَّ غِلَظَ"، أي: عَرْضَ وسُمْكَ، "جِلْدِ الكافرِ اثنَتانِ وأربَعون ذِراعًا"، أي: يُعادُ خَلقُه ويَغلُظُ في سَماكتِه حتَّى يَكونَ غَليظًا بعَرضِ اثنَتين وأربَعين ذِراعًا، والذِّراعُ مِقياسٌ مِثلُ المِتْرِ وغيرِه، وهذا يدلُّ على أنَّه يُضخَّمُ في خِلْقةِ الدَّاخلِ إلى النَّارِ فيُعذَّبُ أشَدَّ العذابِ، "وإنَّ ضَرْسَه"، أي: وإنَّ ضَرْسَ الكافِرِ مِن أهلِ النَّارِ يومَ القيامةِ، "مِثلُ أحُدٍ"، أي: في نَفسِ حَجْمِ جبَلِ أحُدٍ طولًا وعَرضًا، "وإنَّ مَجلِسَه مِن جَهنَّمَ"، أي: مكانَ وموضِعَ جُلوسِ الكافرِ في النَّارِ يومَ القيامةِ، "ما بينَ مكَّةَ والمدينةِ"، أي: مِثلُ ما بَينَهما من البُعدِ والمسافةِ، وكلُّ هذا يَدُلُّ على عِظَمِ خَلْقِ أهلِ النَّارِ يومَ القيامةِ؛ وذلك حتَّى يتَحمَّلوا شِدَّةَ عَذابِ النَّارِ، فهَيئتُهم الَّتي كانوا عليها في الدُّنيا لا تَقْوى على تَحمُّلِ العذابِ فبَدَّل اللهُ خَلْقَهم حتَّى يُذيقَهم العَذابَ الأليمَ.
وفي الحديثِ: عِظَمُ خَلْقِ أهلِ النَّارِ يومَ القيامةِ.
وفيه: بيانُ شدَّةِ عَذابِ أهلِ النَّارِ.