باب في قتل الأوزاغ 2
بطاقات دعوية
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة لدون الأولى وإن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة لدون الثانية. وفي رواية: من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك. (م 7/ 42 - 43
مِن القواعِدِ الكليَّةِ في شَريعةِ الإسلامِ: أنَّ الضَّررَ يُزالُ؛ ولذلك أباح الشَّرعُ قتْلَ كلِّ ما يُسبِّبُ الأذيَّةَ، فأَمَر بقَتلِ الفَواسِقِ مِن الهَوامِّ والحَيواناتِ ونَحوِها.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ «مَن قَتَل وَزَغَةً» وهي الَّتي يُقالُ لها: سَامُّ أَبْرَصَ، وتُعرَفُ بـ(البرص)، تُشبِهُ التِّمساحَ في الشَّكلِ، وله في كُلِّ بلدٍ اسمٌ يُطلِقُه العامَّةُ عليه، وتأتِي في البُيوتِ تَبِيضُ وتفرِّخ وتؤذِي الناسَ، فمَن قتَلها «في أَوَّلِ ضَرْبةٍ» كُتِب «له كذا وكذا حَسَنةً» وهذا كِنايةٌ عن كَثرةِ الحَسناتِ، وفي رِوايةٍ لمسْلمٍ: «مائةُ حَسنةٍ»، وفي روايةٍ أُخرى لمسْلمٍ أيضًا: «سَبعينَ حَسنةً»، وأخبر صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قتَلها في الضَّربةِ الثَّانيةِ، فأَجْرُه وثَوابُه أقلُّ، ومَن قتَلها في الضَّربةِ الثَّالثةِ فأجْرُه وثَوابُه أقلُّ مِمَّا قَبْلَه، والمقصودُ بذلك الحثُّ على المبادَرةِ بقتْلِها وتَحريضُ قاتلِها على أنْ يَقتُلَها بأوَّلِ ضَربةٍ.
وأمَّا الاختلافُ في تَقييدِ الحسناتِ في رِواياتِ مُسلمٍ في الضَّربةِ الأُولى بمائةٍ، وفي رِوايةٍ بسَبعينَ؛ فجَوابُه مِن أوجُهٍ؛ أحدُها: أنَّ هذا مَفهومٌ للعددِ، فذِكرُ سَبعينَ لا يَمنَعُ المائةَ، فلا مُعارَضةَ بيْنهما، الثَّاني: لعلَّه أخبَرَ بسَبعينَ، ثمَّ تَصدَّقَ اللهُ تعالَى بالزِّيادةِ، فأعلَمَ بها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حِين أُوحيَ إليه بعْدَ ذلكَ، والثَّالثُ: أنَّه يَختلِفُ باختلافِ قاتِلي الوزَغِ بحسَبِ نِيَّاتِهم وإخلاصِهم، فتكونُ المائةُ للكاملِ منهم، والسَّبعونَ لغيرِه.
وسَببُ الأمر بقتلها ما جاءَ في صحيح البخاريِّ من أنَّها كانت تَنفُخُ النارَ على الخليلِ إبْراهيمَ عليه السَّلامُ حين ألْقاه قومُه فيها، ولأنَّها مِن الحَشراتِ المؤذياتِ، ولاسْتقذارِها ونُفرةِ الطَّبعِ عنها كذلك.