باب كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرحم الناس بالصبيان والعيال1
بطاقات دعوية
عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال ما رأيت أحدا كان أرحم الناس (5) بالعيال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال كان إبراهيم مسترضعا له في عوالي المدينة فكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وأنه ليدخن وكان ظئره (1) قينا (2) فيأخذه فيقبله ثم يرجع قال عمرو فلما توفي إبراهيم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن إبراهيم ابني وإنه مات في الثدي وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة. (م 7/ 76 - 77
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحيمًا بالنَّاسِ، وكان يُحبُّ الأطفالَ ويُلاطِفُهم؛ ليُعلِّمَهم ما يَنفَعُهم مِن أُمورِ الدِّينِ بقَولِه وفِعلِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أَنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه ما رَأى أَحدًا كانَ أَرحمَ بالأطفال مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وَكان إِبراهيمُ ابنُه مِن ماريَةَ القِبطيَّةِ مُستَرضِعًا، أي: كانْتَ له مُرْضِعةٌ تُرضِعُه في عَوالي المدينَةِ، وهي القُرى الواقعةُ في الجهةِ الشَّرقيَّةِ والجنوبيَّةِ الشَّرقيَّةِ مِن المدينةِ.
فَكانَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَنطلِقُ وبعضُ أصحابِه مَعه للذَّهابِ إلى المكانِ الَّذي يَسْترضِعُ فيه لابنِه، فكان إذا وَصَلَ إليهم، يَدخُلُ البيتَ الَّذي فيهِ إِبراهيمُ فيَجِدُه مُمْتلأً دُخَانًا؛ وذلك أنَّ ظِئرُه كان قَينًا، أي: حَدادًا، وهوَ أَبو سَمينٍ البَراءُ بنُ أَوسٍ القَيِّنُ الأَنصاريُّ، وَ«الظِّئرُ» يَقعُ عَلى الذَّكَرِ والأُنْثى، وهو المُرضِعَةُ وَلَدَ غَيرِها، والمرادُ به هنا زَوجُ المرأةِ المرضِعةِ، فيَدخُلُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ البيتَ فَيأخذُ ابنَه فيُقبِّلُه ثُمَّ يَرجعُ.
ويُخبِرُ أنسٌ رَضيَ اللهُ عنه أنَّه لَمَّا تُوفِّيَ ابنُه إِبراهيمُ، قال صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ إبراهيمَ ابْنِي، وإِنَّه ماتَ في «الثَّدي» أي: في سِنِّ رَضاعِ الثَّدي، أو في حالَةِ تَغذِّيه بلَبنِ الثَّديِ، وإِنَّ لَه عندَ اللهِ لمُرضِعَتَيْنِ بدلَ واحدةٍ في الدُّنيا «تُكملانَ»، أي: تُوَفِّيانِ وتُتَمِّمان مُدَّةَ رَضاعِه -وهيَ الحَولانِ- في الجنَّةِ، فإنَّه تُوفِّيَ ولَه ستَّةَ عشرَ شهرًا أو سَبعةَ عشرَ، وقيلَ: ولَه سبعونَ يومًا فتُرضِعانَه بقيَّةَ السَّنتينِ.
وفي الحديثِ: بَيانُ كَريمِ خُلُقِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ورَحمَتِه لِلعيالِ والضُّعفاءِ.