باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا

بطاقات دعوية

باب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا

 قال أنس - رضي الله عنه - قال كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فخرجت حتى أمر على الصبيان (6) وهم يلعبون في السوق فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قبض بقفاي من ورائي قال فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنيس أذهبت حيث أمرتك قال قلت نعم أنا أذهب يا رسول الله قال أنس والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته لم فعلت كذا وكذا أو لشيء تركته هلا فعلت كذا وكذا. (م 7/ 74

كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَحيمًا بالنَّاسِ، وكان يُحبُّ الأطفالَ ويُلاطِفُهم؛ ليُعلِّمَهم ما يَنفَعُهم مِن أُمورِ الدِّينِ بقَولِه وفِعلِه.
وفي هذا الحديثِ يَرْوي أنسُ بنُ مالكٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان مِن أَحسنِ النَّاسِ خُلُقًا وعِشْرَةً، والْخُلُق هو الدِّينُ والطَّبعُ والسَّجيَّةُ، ومِن صُوَرِ ودَلائلِ هذا الخُلقِ الحسَنِ أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَرسلَه يومًا لحاجَةٍ وأمَرَه أنْ يَقضِيَها له، فحَلَفَ أَنسٌ باللهِ ألَّا يَذهبَ، ولكنَّه قَرَّر في قَلبِه أنْ يَذهبَ لِمَا أَمَرَه به صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أي: لأَجْلِ أَمْرِه بهِ؛ ولعلَّ أنسًا حَلَف ألَّا يَذهَبَ لأنَّه كان صَغيرًا لا يُدرِكُ، وهو غيرُ مُكلَّفٍ، أو لعلَّه قال ذلك مُداعَبةً كما يَفعَلُه بعضُ الصِّبيةِ بالكبارِ، ولعلَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَطِنَ لذلك، فخَرَجَ أنسٌ مِن عندِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على قَصْدِ الذَّهابِ لقَضاءِ أمرِ النَّبيِّ حتَّى مرَّ وهوَ في طَريقِه عَلى صِبيانٍ وهُم يَلعبونَ في السُّوقِ؛ فوَقَفَ عندَهم إمَّا للَعِبٍ أو لِلتَّفَرُّجِ، وإِذا رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ جاء إلى هذا المكانِ فرَأى أنسًا، فأمسَكَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقفَا أنسٍ -وهوَ مُؤخَّرُ العُنُقِ- فنظَرَ أنسٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فوَجَد النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَضحَكُ ولم يَغضَبْ، ثمَّ قال له: «يا أُنَيْسُ» تَصغيرٌ للشَّفقَةِ والمَرحَمَةِ والملاطَفةِ، أَذَهبتَ إلى المكانِ الَّذي أَمرتُك بالذَّهابِ إليه؟ فأَجاب أنسٌ: نَعمْ، أنا أَذهبُ الآنَ يا رَسولَ اللهِ، وهذا بِناءً على أنَّه شَرَعَ في الذَّهابِ وسيُكمِلُه، ولم يُؤنِّبْه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا كلُّه مِن مُقْتضى خُلقِه الكريمِ وحِلمِه العظيمِ.
وفي الحديثِ: حُسنُ خُلقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وتَواضُعُه الجَمُّ.
وفيه: فَضلُ أَنسٍ رَضيَ اللهُ عنه.