باب كتاب الزهد والرقائق
بطاقات دعوية
حديث عائشة، أنها قالت لعروة: ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار(قال عروة) فقلت: يا خالة ما كان يعيشكم قالت: الأسودان: التمر والماء إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، جيران من الأنصار، كانت لهم منائح، وكانوا يمنحون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقينا
في هذا الحديث بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الزهد في الدنيا، والصبر على التقلل من متاعها، وأخذ الضروري من العيش، وإيثار الحياة الآخرة على الدنيا، حيث تحكي أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما لابن أختها عروة بن الزبير -فأمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم- أنهم كانوا ينتظرون الهلال، ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، باعتبار رؤية الهلال في أول الشهر الأول، ثم رؤيته ثانيا في أول الشهر الثاني، ثم رؤيته في أول الشهر الثالث، فالمدة ستون يوما، والمرئي ثلاثة أهلة، وما أوقدت في أبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، والمعنى: أنهم كانوا يظلون شهرين متتابعين لا يطبخ في بيتهم شيء، فقال لها عروة بن الزبير: «يا خالة، ما كان يعيشكم؟» يعني: علام كنتم تعيشون في ظل هذه الشدة والضيق؟ فقالت رضي الله عنها: «الأسودان: التمر والماء»، وسميا بالأسودين؛ تغليبا للون التمر
ثم قالت: إلا أنه قد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جيران من الأنصار -قيل: هم سعد بن عبادة، وعبد الله بن عمرو بن حرام، وأبو أيوب خالد بن زيد، وسعد بن زرارة، وغيرهم رضي الله عنهم- كانت لهم منائح، وهي الشاة أو الناقة التي فيها لبن، أو التي تعطى للغير؛ ليحلبها وينتفع بلبنها ثم يردها على صاحبها، وقد تكون عطية مؤبدة بعينها ومنافعها، كالهبة، وكان هؤلاء الأنصار يهدون رسول الله صلى الله عليه وسلم من ألبانهم فيسقينا
وفي الحديث: فضل الأنصار رضي الله عنهم، وفضل التهادي والمتاحفة ولو باليسير