باب كراء الأرض بالطعام
بطاقات دعوية
حديث ظهير بن رافع، قال: لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بنا رافقا (قال رافع بن خديج راوي هذا الحديث) قلت: ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو حق قال: دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما تصنعون بمحاقلكم قلت: نؤاجرها على الربع وعلى الأوسق من التمر والشعير قال: لا تفعلوا، ازرعوها أو أزرعوها أو أمسكوها قال رافع، قلت: سمعا وطاعة
جاء الإسلام لينظم العلاقات والمعاملات بين الناس، وجعل هذه العلاقات قائمة على مبدأ التعاون والألفة، والمحبة والمودة، والبعد عن النزاع والشقاق، والضرر والظلم، والخداع
وفي هذا الحديث يروي رافع بن خديج عن عمه ظهير بن رافع رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن أمر كان بهم رافقا، وفي رواية مسلم: «عن أمر كان لنا نافعا، وطواعية الله ورسوله أنفع لنا»، أي: أن ما نهاهم عنه النبي صلى الله عليه وسلم كان في ظاهره فيه نفع له، وأن إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما نهى عنه هو أنفع وأصلح لدينهم ودنياهم، فسأل رافع عمه: وما هذا الأمر؟ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول إلا حقا؟ فذكر عمه ظهير أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله: «كيف تصنعون بمحاقلكم؟» أي: مزارعكم، فأجابه ظهير رضي الله عنه بأنهم يؤاجرونها في مقابل ربع الزرع، أو الأوسق من التمر، أو الشعير، والأوسق: جمع وسق، ومقدار الوسق: ستون صاعا، والوسق يعادل (130) كيلو جرام تقريبا بالأوزان الحديثة وفي رواية للبخاري: «كنا نكري الأرض بالناحية منها مسمى لسيد الأرض، فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما يصاب الأرض ويسلم ذلك، فنهينا»، وفي لفظ لمسلم: «إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الماذيانات، وأقبال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا، ويهلك هذا»، فبينت الروايات أن قوله: «الربع» يراد به تخصيص أرض بما تنبته وليس جزءا من الثمر من كل الأرض
فخيرهم النبي صلى الله عليه وسلم بين ثلاثة أمور: أن يزرعوها بأنفسهم، أو يعطوها لغيرهم يزرعها بغير أجرة، وهذه هي المواساة، أو يمسكوها معطلة. فاستجاب رافع رضي الله عنه لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: سمعا وطاعة
وهذا الحديث يدل على أن الذي نهى عنه صلى الله عليه وسلم كان أمرا بين الفساد، وهي المزارعة الظالمة الجائرة، فلذلك زجر عنها، وأما بشيء معلوم مضمون بالدينار والدرهم فلا شيء فيه، كما ورد في الأحاديث والروايات
ولا يخالف ذلك ما صالح عليه النبي صلى الله عليه وسلم يهود خيبر على أن يزرعوا الأرض ولهم النصف، وللنبي صلى الله عليه وسلم النصف، وظل العمل به إلى موت النبي صلى الله عليه وسلم، وبه عمل الخلفاء الراشدون من بعده؛ فالمزارعة على جزء من الثمر غير المزارعة والمؤاجرة على تخصيص أرض بما تنبته
وفي الحديث: فضيلة رافع بن خديج رضي الله عنه، وحسن طاعته وتسليمه لأمر النبي صلى الله عليه وسلم