باب لا تقوم الساعة حتى تعبد اللات والعزى
بطاقات دعوية
عن عائشة - رضي الله عنها - قالت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله {هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون} أن ذلك تام (3) قال إنه سيكون من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفى كل من في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم. (م 8/ 182)
يومُ القيامَةِ لا يَعْلَمُ مَوعِدَهُ إلَّا اللهُ سُبْحانهُ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُخبِرُ أصحابَه رَضيَ اللهُ عنهم ببعْضِ العلاماتِ الصُّغْرى والكُبْرى، الَّتي إذا ظَهَرتْ فإنَّ القيامَةَ تكونُ قد أَظَلَّتِ النَّاسَ
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لا يَذهبُ اللَّيلُ والنَّهارُ بمُرورِ الأزمانِ حتَّى تُعبَدَ اللَّاتُ والعُزى، وهُما صَنَمانِ كانت العربُ تَعبُدُهما مِن دونِ اللهِ في الجاهليَّةِ، واللَّاتُ اسمُ صَنمٍ لِثَقيفَ، وكان بالطَّائفِ، والعُزَّى صَنمٌ لقُرَيشٍ وبَني كِنانةَ
وفي رِوايَةٍ أُخْرى عندَ مُسلِمٍ أيضًا: «لا تَقومُ الساعَةُ وعلى وَجْهِ الأرْضِ أحَدٌ يقولُ: اللهُ اللهُ»، وبذلِك يكونُ عِندما يَتَوفَّى اللهُ كُلَّ المُؤْمِنينَ، ولمْ يَبْقَ إلَّا الأشْرارُ والكُفَّارُ، فتَقومُ عليهم القيامَةُ
فأخبَرَت عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّها كانت تظُنُّ لمَّا أنزَلَ اللهُ: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة: 33، الصف: 9]، أنَّ ذلكَ تامٌّ، فعَلِمْتُ مِن مَفهومِ الآيةِ أنَّ ملَّةَ الإِسلامِ ظاهرةٌ على الأَديانِ كلِّها، غالبةٌ عَليها غيرُ مَغلوبةٍ؛ فكيفَ تُعبَدُ اللَّاتُ وَالعُزَّى؟! فوضَّحَ لَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه ذلكَ الظُّهور المَوعود يَكونُ إلى ما شاءَ اللهُ، «ثُمَّ يَبعثُ اللهُ رِيحًا طَيِّبةً» أي: لَيِّنةً هادئةً، فيُتوفَّى وَيموتُ بهذه الرِّيحِ كلُّ مَن في قَلبِه مِثقالُ حبَّةِ خَردلٍ مِن إِيمانٍ، والخَردَلُ: نَباتٌ مَعروفٌ يُشبِهُ الشَّيءَ القَليلَ البليغَ في القِلَّةِ، وهو كِنايةٌ عن تَناهي العملِ في الصِّغَرِ
فبَقاءُ أهلِ الكُفرِ وحْدَهم على الأرضِ دونَ أنْ يكونَ هناك مُسلِمون، أمرٌ يَحدُثُ في أَواخرِ أَيَّامِ الدُّنيا، قبلَ انعِقادِ القيامةِ الكُبْرى، وبعدَ خُروجِ الرِّيحِ القابضَةِ لأَنفُسِ جميعِ المُؤمنينَ حتَّى لا تَبقى الطَّائفةُ المنْصُورةُ والنَّاجيةُ على ظَهرِ الأَرضِ، فيَبقَى مَن لا خيرَ فيهم فيَرجِعون إلى دِينِ آبائِهم في الكُفرِ والشِّركِ وعِبادةِ الأصنامِ، فهَذا هوَ الوقتُ الَّذي قَصَده رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ
وفي الحديثِ: فضْلُ الإيمانِ باللهِ عزَّ وجلَّ مهْما بَلَغ في قَلبِ الإنسانِ
وفيه: أنَّ الإيمانَ يَزيدُ ويَنقُصُ