باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء
بطاقات دعوية
حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر، فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله
هذا الحديث يتضمن علامة من علامات نبوته صلى الله عليه وسلم؛ فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه لا يتولى أمر الفرس ملك بعد موت كسرى بالعراق، وقيل: أو في غيرها من الأراضي الواقعة تحت حكم الفرس، وكذلك أخبر أن هرقل قيصر الروم في ذلك الوقت، سيكون آخر ملوك الروم في الشام، وكسرى لقب لكل ملك ملك الفرس، وهرقل اسم لكل ملك للروم، وقد حدث ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد تمزق ملك كسرى بعد موته، وكذا ملك هرقل، فتراجع بعد موته إلى أن فتح الله على المسلمين بلادهما، وأنفق المسلمون كنوزهما في سبيل الله، كما وعدهم النبي صلى الله عليه وسلم، وكما أقسم على ذلك
وسبب هذا الحديث: أن قريشا كانوا يأتون الشام والعراق تجارا، فلما أسلموا خافوا انقطاع سفرهم إليهما؛ لدخولهم في الإسلام، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم؛ تطييبا لقلوبهم وتبشيرا لهم بأن ملكهما سيزول عن الإقليمين المذكورين
وهذا الحديث يشكل على من علم أن كسرى لما قتل، ملك ولده، ثم ملك بعده جماعة، وكذلك قيصر، والذي يزيل الإشكال أن كسرى وقيصر كانا في ملك ثابت، فلما زالا تزلزل ملكهما وما زال إلى انمحاق وانقراض، وما خلفهما مثلهما، وهذا كما يقال للمريض: هذا ميت، والمعنى: أنه قريب من الموت وأن أحواله تحمله إليه
وقد حصر الله ملكي فارس والروم بعد أن كانت تلك المملكتان تحكمان الأرض قبل مجيء الإسلام، فلما بعث الله نبيه بالإسلام، صدق فيهم قوله تعالى: {إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين} [الأعراف: 128]