باب: ما تكفل الله عز وجل لمن يجاهد في سبيله 3
سنن النسائي
أخبرني عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، قال: حدثنا أبي، عن شعيب، عن الزهري، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، قال: سمعت أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «مثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بمن يجاهد في سبيل الله، كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله، بأن يتوفاه فيدخله الجنة، أو يرجعه سالما بما نال من أجر أو غنيمة»
للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ والشَّهادةِ في سَبيلِه مَنْزلةٌ عاليةٌ، وفَضْلٌ عَظيمٌ؛ لِمَا فيه مِن الفَضْلِ والأَجْرِ الذي يُفضَّلُ به على كَثيرٍ من العِباداتِ
وفي هذا الحديثِ يَقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: «انْتَدَبَ اللهُ»، أي: أجابَ وأوجَبَ وتَفضَّلَ لِمَن خَرَجَ في سَبيلِه، مُخلِصًا النِّيَّةَ للهِ في جِهادِه؛ أنْ يُنجِزَه ما وَعَدَ؛ وذلك بألَّا يُخرِجه إلَّا إيمانٌ باللهِ وتَصديقٌ برُسلِه، فإنَّه يَرجِعُه إلى بَلَدِه بعْدَ الجِهادِ -إنْ لم يُستشْهَدْ- بالَّذي أصابَه مِن النَّيْلِ، وهو العَطاءُ مِن أجْرٍ فَقطْ إنْ لَم يَغْنَموا، أو أجْرٍ مَعَ غَنيمةٍ إنْ غَنِموا، أو أنْ يُدخِلَه الجَنَّة عِندَ دُخولِ المُقَرَّبينَ بِلا حِسابٍ ولا مُؤاخَذةٍ بِذُنوبٍ؛ إذْ تُكَفِّرُها الشَّهادةُ، ثمَّ أخبَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه لَولا مَخافةُ المَشَقَّةِ عَلَى أُمَّتِه ما قَعَدَ بَعدَ سَريَّةٍ، بَل يَخْرُجُ مَعَها بنَفْسِه؛ لِعِظَم أجرِها، ثمَّ أخبَرَ أنَّه يُحِبُّ أنْ يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ ثُمَّ يَحْيا، ثُمَّ يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ ثُمَّ يَحْيا، ثُمَّ يُقتَلَ في سَبيلِ اللهِ ثُمَّ يَحْيا؛ لِعِظَمِ الشَّهادةِ وثَوابِها
وفي الحَديثِ: تَمَنِّي الشَّهادةِ، وعِظَمُ أجْرِها
وَفيه: بَيانُ شِدَّةِ شَفَقةِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلَى أُمَّتِه ورَأْفَتِه بِهِم. وأنَّه إذا تَعارَضَت مَصْلَحَتانِ بُدِئَ بأَهَمِّهما
وَفيه: قَولُ الإنْسانِ: ودِدْتُ حُصولَ كَذا مِن الخَيْرِ الَّذي يَعلَمُ أنَّه لا يَحْصُلُ
وَفيه: عَدَمُ نُقْصانِ أجْرِ المُجاهِدِ بالغَنيمةِ