باب ما جاء فى التثاؤب
حدثنا الحسن بن على حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن أبيه عن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع ولا يقل هاه هاه فإنما ذلكم من الشيطان يضحك منه ».
علمنا النبي صلى الله عليه وسلم آداب كل فعل من الأفعال الصادرة من المسلم عفوا، كالعطاس والتثاؤب والتجشؤ وغير ذلك، وربط ذلك بأخلاقيات المسلم وبالأدعية؛ ليكون قدوة حسنة لغيره، وليكون المسلم دوما في معية الله؛ فعليه أن يكون حامدا وشاكرا وذاكرا له على كل حال، وملتزما بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل شؤونه
وفي هذا الحديث يروي النبي صلى الله عليه وسلم أن الله سبحانه يحب العطاس ويكره التثاؤب؛ والسبب في ذلك أن العطاس يدل على النشاط والخفة؛ ولهذا تجد الإنسان إذا عطس نشط، والله سبحانه وتعالى يحب الإنسان النشيط الجاد، والتثاؤب إنما يكون مع ثقل البدن وامتلائه وعند استرخائه للنوم وميله إلى الكسل، ولأجل ذلك المعنى صار العطاس محمودا يحبه الله، والتثاؤب مذموما يكرهه الله تعالى، ولأن العطاس يعين على الطاعات، والتثاؤب يثبط عن الخيرات وقضاء الواجبات، وجعل التثاؤب من الشيطان كراهة له، ولأن الشيطان هو الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهوتها
ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من حقوق المسلم على المسلم أنه إذا عطس وحمد الله أن يشمته، وتشميت العاطس أن يقول له السامع: يرحمك الله، وحمد العاطس يكون شكرا لربه على هذه النعمة؛ إذ أذهب عنه الضرر بالعطاس، فإذا التزم هذا الأدب وحمد الله تعالى، فليقل له من سمعه أو عرف أنه حمد الله وإن لم يسمعه: «يرحمك الله»، فيدعو له بالخير؛ لأنه عمل بالسنة، وأدى ما عليه من حمد الله وشكره على نعمته، فيكافأ على ذلك بالدعاء له بالخير، وفي رواية للبخاري أمر العاطس أن يقول لمن شمته: «يهديكم الله ويصلح بالكم»، فيدعو له بالهداية وصلاح الشأن والحال في الدين والدنيا؛ بالتوفيق والتسديد والتأييد
أما التثاؤب فينبغي للمسلم أن يكظمه ويرده ما استطاع؛ لأنه إذا قال: «ها» -يعني فعل التثاؤب وفتح فمه به- ضحك الشيطان منه؛ لأنه نال مقصوده ورأى ثمرة تحريضه على كثرة الأكل والكسل