باب ما جاء في اتخاذ سيف من خشب في الفتنة2
سنن الترمذى
حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا سهل بن حماد قال: حدثنا همام قال: حدثنا محمد بن جحادة، عن عبد الرحمن بن ثروان، عن هزيل بن شرحبيل، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الفتنة: «كسروا فيها قسيكم، وقطعوا فيها أوتاركم، والزموا فيها أجواف بيوتكم، وكونوا كابن آدم»: هذا حديث حسن غريب وعبد الرحمن بن ثروان هو أبو قيس الأودي
في هذا الحديثِ يُحذِّر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمَّتَه مِن وُقوعِ الفِتَنِ، ويبيِّن لهم ما عليهم أنْ يَفعَلوه في أيَّامِ وُقوعِها وظُهورِها، حيثُ يقولُ أبو موسى رضِيَ اللهُ عنه: "قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في الفِتنةِ"، أي: إذا الْتبَس الحقُّ بالباطلِ، وما يَنتُجُ عنها مِن كَثرةِ القتلِ، وانتشارِ الكفرِ والبِدَعِ، ونحوِ ذلك، فأرشَد النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عِندَ ظُهورِ أيَّامِ الفتنِ والابتلاءاتِ إلى عدَمِ الدُّخولِ فيها، وأن يُترَكَ القِتالُ، فقال صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كَسِّروا"، أي: حَطِّموا "فيها" في الفتنةِ "قِسيَّكم"، أي: أقواسَكم الَّتي هي مِن أدَواتِ الحَربِ، "وقَطِّعوا"، أي: ومَزِّقوا فيها "أوتارَكم"، وهي الأوتارُ الَّتي تكونُ في الأقواسِ لئلَّا يُنتَفَعَ بالقوسِ، فلا يَكونَ هناك سِلاحٌ للقِتالِ للمُشارَكةِ به في هذه الفتنِ، "والْزَموا فيها أجوافَ بُيوتِكم"، أي: وفي زمَنِ وأيَّامِ وُقوعِ الفِتْنةِ كُونوا مُلازِمين بُيوتَكم لا تَخرُجوا مِنها؛ حتَّى لا تقَعوا في الفِتنِ، "وكونوا كابنِ آدمَ"، أي: الَّذي قتَله أخوه ظُلمًا؛ لأنَّ اللهَ تَقبَّل مِنه قُربانَه ولم يتَقبَّلْ مِن الآخَرِ.
والمقصودُ مِن قولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: أنَّ صَبْرَ المسلِمِ على قَتلِه أفضَلُ له مِن أن يكونَ قاتِلًا إذا كان هذا القِتالُ مِن أجلِ الدُّنيا، أو في زمَنِ الفِتنةِ، أمَّا القتالُ في سَبيلِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ومُحاربةُ المشركين أعداءِ الدِّين فعَلَى المسلِمِ أن يُقاتِلَهم دِفاعًا عن دِينِه، فإنْ قُتِل كان شَهيدًا بإذنِ اللهِ سبحانه وتعالى.