باب ما جاء في المسح على العمامة
عن ابن المغيرة بن شعبة، عن أبيه، قال: «توضأ النبي صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة»، قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة، وذكر محمد بن بشار في هذا الحديث في موضع آخر «أنه مسح على ناصيته وعمامته» وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة، وذكر بعضهم «المسح على الناصية والعمامة»، ولم يذكر بعضهم الناصية، وسمعت أحمد بن الحسن يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: «ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان» وفي الباب عن عمرو بن أمية، وسلمان، وثوبان، وأبي أمامة، حديث المغيرة بن شعبة حديث حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: أبو بكر، وعمر، وأنس، وبه يقول الأوزاعي، وأحمد، وإسحاق قالوا: يمسح على العمامة، وقال غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والتابعين: لا يمسح على العمامة إلا أن يمسح برأسه مع العمامة، وهو قول سفيان الثوري، ومالك بن أنس، وابن المبارك، والشافعي، وسمعت الجارود بن معاذ يقول: سمعت وكيع بن الجراح يقول: إن مسح على العمامة يجزئه للأثر
جاءَتِ الشَّريعَةُ الإسلاميَّةُ بالتَّيسيرِ في العِباداتِ، وَمِن أمثلَةِ هذا التَّيسيرِ المَسحُ على الخُفَّينِ والعَمامةِ والخِمارِ عِوَضًا عَن غَسلِ القَدمِ أو مَسحِ الرَّأسِ.
وفي هذا الحَديثِ يُوضِّحُ الصَّحابيُّ الجَليلُ بلالُ بنُ رَباحٍ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَمسَحُ عِندَ الوُضوءِ على الخُفَّينِ بدَلَ أن يَغسِلَ رِجلَيه، ومن شُروطِ المَسحِ عليهما أن يَكُونَ المَرءُ قد لَبِسَهما على طَهارةٍ ابتِداءً كما في حديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ في الصَّحيحَينِ: «كُنتُ مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في سَفَرٍ، فأهوَيتُ لأَنزِعَ خُفَّيه، فَقالَ: دَعْهُمَا؛ فإنِّي أدْخَلْتُهُما طَاهِرَتَيْنِ. فَمَسَحَ عليهمَا». والخُفَّانِ: هما ما يُلبَسُ في الرِّجلَينِ من جِلدٍ رَقيقٍ.
وَكذلِكَ رَأى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَمسحُ عِندَ الوُضوءِ على "الخِمارِ"، وهو العِمامةُ؛ لِأنَّها تُخمِّرُ الرَّأسَ وتُغطِّيه، وذَلكَ عندَ رُكنِ المَسحِ على الرَّأسِ، وهذا من بابِ التَّخفيفِ والتِّيسيرِ على أُمَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.