باب ما جاء في الوتر من أول الليل وآخره
سنن الترمذى
حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا أبو حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، أنه سأل عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: «من كل الليل قد أوتر أوله، وأوسطه، وآخره، فانتهى وتره حين مات إلى السحر»: «أبو حصين اسمه عثمان بن عاصم الأسدي»، وفي الباب عن علي، وجابر، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي قتادة: «حديث عائشة حديث حسن صحيح، وهو الذي اختاره بعض أهل العلم الوتر من آخر الليل»
كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَجتهِدُ في صَلاةِ اللَّيلِ، وكان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُحرِّضُ على صَلاةِ الوِترِ، ويُرغِّبُ في أنْ تَكونَ آخِرُ صَلاةِ المصلِّي وِترًا. وفي هذا الحديثِ تُوضِّحُ عائشةُ رَضيَ اللهُ عنها هَدْيَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ الوِتْرِ، وكانت أُمُّ المُؤمِنينَ عائشةُ أدرَى الناسِ بصَلاةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في اللَّيلِ؛ فهي زَوجتُه، وترَى ما لا يَراهُ الناسُ مِن صَلاتِه في اللَّيلِ، وتَعلَمُ أوقاتَها، وعدَدَ ركَعاتِها، وهَيْئتَها، وغيرَ ذلك، فأخْبَرَت أنَّه قد اختَلَفَ وَقتُ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِلوِترِ؛ فمَرَّةً في أوَّلِ اللَّيلِ، ومرَّةً في وسَطِه، ومرَّةً في آخِرِه، وهذا مِن التَّيسيرِ والتَّوسيعِ على الأُمَّةِ؛ فصَلاةُ الوِترِ يُمكِن أنْ تُؤدَّى في أيِّ وقتٍ كان مِن اللَّيلِ، ولكنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ «انْتَهَى وِتْرُه إلى السَّحَرِ»، فكان آخِرُ أمْرِه وما استقرَّ عليه: هو أنْ يُصلِّيَ الوِترَ عندَ وَقتِ السَّحَرِ، وهو قبْلَ طُلوعِ الفَجرِ. وأقلُّ صَلاةِ الوتْرِ رَكعةٌ أو ثَلاثُ ركَعاتٍ.
وفي الحَديثِ: بَيانُ أنَّ صلاةَ الوِتْرِ مُمتدَّةُ الوقتِ إلى ما قبْلَ الفَجرِ.