باب فيمن يتطوع جالسا2
سنن الترمذى
حدثنا الأنصاري قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك، عن أبي النضر، عن أبي سلمة، عن عائشة، «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي جالسا فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم، ثم ركع وسجد، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك»،: «هذا حديث حسن صحيح»
كان رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أحرصَ الناسِ على الاجتِهادِ في عِبادةِ ربِّه ولا سيَّما قِيامِ اللَّيلِ، وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ ذلك، حَيثُ تُخبِرُ أمُّ المؤمنينَ عائِشةُ رَضيَ اللهُ عنها أنَّها لم تَرَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقرَأُ القُرآنَ في قِيامِ اللَّيلِ وهو جالِسٌ، فلمَّا كَبِرَتْ سِنُّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولم يَستطِعِ القِيامَ، كان يُصلِّي ويَقرَأُ جالسًا، فإذا بَقيَ مِن القِراءةِ قدْرُ ثلاثينَ آيةً أو أربعينَ، كان يقومُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فيَقرَؤُها وهو قائمٌ، ثمَّ يَركَعُ؛ ولعلَّ ذلك لئلَّا يُخلِّيَ نفْسَه مِن فضْلِ القِيامِ في آخِرِ الرَّكعةِ، ولِيَكونَ نُزولُه إلى الرُّكوعِ والسُّجودِ مِن القِيامِ؛ إذ هو أبلَغُ وأشدُّ في التَّذلُّلِ والخُضوعِ للهِ عزَّ وجلَّ.
وفي الحديثِ: شِدَّةُ حِرصِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الإتيانِ بالصَّلاةِ على تَمامِها على قَدْرِ استطاعتِه مع كِبَرِ سِنِّه.
وفيه: مَشروعيَّةُ جُلوسِ المُتطوِّعِ في الصَّلاةِ، والقِراءةِ وهو جالسٌ مع قُدرتِه على القِيامِ.
وفيه: أنَّ السُّنَّةَ تَطويلُ القِراءةِ في صَلاةِ اللَّيلِ.