‌‌باب ما جاء في صنائع المعروف

سنن الترمذى

‌‌باب ما جاء في صنائع المعروف

حدثنا عباس بن عبد العظيم العنبري قال: حدثنا النضر بن محمد الجرشي اليمامي قال: حدثنا عكرمة بن عمار قال: حدثنا أبو زميل، عن مالك بن مرثد، عن أبيه، عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تبسمك في وجه أخيك لك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة، وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة» وفي الباب عن ابن مسعود، وجابر، وحذيفة، وعائشة، وأبي هريرة: هذا حديث حسن غريب وأبو زميل اسمه سماك بن الوليد الحنفي
‌‌

صِناعةُ المعروفِ، ومساعدةُ النَّاسِ، والإحسانُ إليهم مِن أجَلِّ الأعمالِ الَّتي حَثَّ عليها الشَّرعُ الحنيفُ ورغَّب فيها؛ حيث بيَّن الشَّرعُ الحَنيفُ عِظَمَ جزاءِ ذلك وجَزيلَ ثوابِه.
وفي هذا الحَديثِ بيانٌ لبعضِ ذلك، حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "تبسُّمُكَ في وجهِ أخيك لك صدَقةٌ"، أي: مَن تبَسَّمَ في وجهِ أخيه المُسلِم وجعَل وجهَه بَشُوشًا في وجهِ إخوانِه، كان له بكلِّ تبسُّمٍ كأجرِ صدَقةٍ، "وأمرُك بالمعروفِ ونهيُك عنِ المُنكَرِ صدقةٌ"، أي: ومَن أمَر بمعروفٍ مِن الطَّاعاتِ والخيراتِ أو نهى عن مُنكَرٍ مِن المعاصي أو الشَّرِّ والأذَى، كان له كأجرِ صدقةٍ، "وإرشادُكَ الرَّجلَ في أرضِ الضَّلالِ لك صدَقةٌ"، أي: ومَن أرشَد أحدًا ضالًّا لا يعرِفُ الطَّريقَ إلى الطَّريقِ الَّذي يُريدُه، كان له كأجرِ صدَقٍة، "وبصَرُكَ للرَّجلِ الرَّديءِ البصَرِ لك صدَقةٌ"، أي: ومَن أعان ضَريرَ البصَرِ أو الأعمى على بُلوغِ أمرِه ووصولِه مطلَبَه، كان له كأجرِ صدَقةٍ، "وإماطتُك الحجَرَ والشَّوكَ والعَظْمَ عن الطَّريقِ لك صدَقةٌ"، أي: ومَن أزاح الأذى عن طريقِ المُسلِمين، كان له كأجرِ صدَقةٍ، أيًّا كان ذلك الأَذى؛ حجَرًا أو عَظْمًا، أو غُصْنَ شَوكٍ، ونحو ذلك من الأذَى، "وإفراغُك مِن دَلوِكَ في دَلْوِ أخيك لك صدَقةٌ"، أي: ومَن أعان أخاه في السَّقْيِ، فأفرَغ مِن إنائِه في إناءِ أخيه، كان له كأجرِ صدَقةٍ، وعلى ذلك كلُّ إعانةٍ تُعِينُ بها المُسلِمين، أو تُساعِدُهم؛ ففي كلِّ مَعروفٍ صدقةٌ، وفي كلِّ إحسانٍ صدَقةٌ، وفي كلِّ مساعدةٍ صدَقةٌ.
وفي الحديثِ: بيانُ كَثرةِ طُرقِ الخَيرِ، وأنَّ الصَّدقةَ تكونُ مِن غيرِ المالِ.