باب ما جاء في الرخصة في كراهية تزويج المحرم1
سنن الترمذى
حدثنا قتيبة قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار، عن عمرو بن دينار قال: سمعت أبا الشعثاء يحدث، عن ابن عباس، «أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم»: «هذا حديث صحيح» وأبو الشعثاء: اسمه جابر بن زيد " واختلفوا في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها في طريق مكة، فقال بعضهم: تزوجها حلالا، وظهر أمر تزويجها وهو محرم، ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة، وماتت ميمونة بسرف حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودفنت بسرف
بيَّنَ اللهُ عزَّ وجلَّ ورَسولُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ما يَحِلُّ للمُحرِمِ فِعلُه، وما يَحرُمُ عليه، ونَقَلَ ذلك الصَّحابةُ الكرامُ رَضيَ اللهُ عنهم أجمعينَ.
وفي هذا الحَديثِ يَروي عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَزوَّجَ أمَّ المؤمنينَ مَيمونةَ بنتَ الحارثِ الهِلاليَّةَ رَضيَ اللهُ عنها حالَ كونِه مُتلبِّسًا بالإحرامِ للعُمرةِ، وهذا يَقتضي مَشروعيَّةَ نِكاحِ المُحرِمِ، وقد ثبَتَ عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في أحاديثَ أُخرَى النهيُ عن نِكاحِ المُحرِمِ؛ منها ما في صَحيحِ مُسلِمٍ مِن حَديثِ عُثمانَ بنِ عفَّانَ رَضيَ اللهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قال: «لا يَنكِحُ المُحرِمُ، ولا يُنكِحُ، ولا يَخطُبُ»، وأيضًا قدْ روَتْ مَيمونةُ رَضيَ اللهُ عنها عن نفْسِها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَزوَّجَها وهو حَلالٌ، كما في صَحيحِ مُسلمٍ؛ فقيلَ: إنَّ مَيمونةَ رَضيَ اللهُ عنها أعلَمُ بشَأنِها مِن غيرِها، وأخبَرَتْ بحالِها وبكَيفيَّةِ الأمْرِ في ذلك العَقدِ؛ فحدِيثُها أوْلَى مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ؛ فهي أعلمُ بحالِها وحالِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لا سيَّما وقدْ ذكرَتْ موضِعَ العَقدِ.
وقيل: يُحمَلُ حَديثُ ابنِ عبَّاسٍ على أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَزوَّجها في الحرَمِ أو في شَهرٍ حرامٍ وهو حَلالٌ، ويقالُ لِمَن هو في الحرَمِ أو في شَهرٍ حرامٍ: مُحرِمٌ وإنْ كان حَلالًا، وهي لُغةٌ شائعةٌ مَعروفةٌ. وقيلَ غيرُ لك.