باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم54-2

سنن الترمذى

باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم54-2

حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجعفر بن أبي طالب: «أشبهت خلقي وخلقي» وفي الحديث قصة. هذا حديث حسن صحيح

اعْتَمَرَ صَلَّى الله عليه وسلَّمَ في ذي القَعْدةِ، فَرَفَضَ أَهْلُ مَكَّةَ أنْ يَدَعوه يَدخُلها حتَّى صالَحهم على أَن يُقيمَ بِها ثَلاثةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا كَتَبوا الكِتابَ، كَتَبوا: هذا ما قاضَى عليه، أي: هذا هو العَهدُ الَّذي صالَحَ عليه وَعَقَدَه مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ، فَقالوا: لا نُقِرُّ بِها، فلَوْ نَعلَم أنَّك رَسولُ اللهِ ما مَنَعناكَ، أي: لو كُنَّا نَعلَم ونُؤمِن بِرِسالتِك ما مَنَعْناك عن البَيْتِ، ولَكِن أَنْتَ مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ، أي: وَلَكِنَّ الَّذي نَعرِفه عنك أنَّك مُحَمَّدُ بنُ عَبدِ اللهِ، الَّذي هو اسمُك واسمُ أَبيك، المَعْروفُ عندنا، فَقالَ: أَنا رَسولُ اللهِ، وَأَنا مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ، أي: لا مانِعَ مِن استِبدالِ هذا بِذاكَ، ثُمَّ قالَ لَعَلِيٍّ: امْحُ رَسولَ اللهِ، فَقالَ: لا واللهِ، لا أَمْحوك، أي: لا أَمْحو عَنكَ صِفةَ الرِّسالةِ، فَأَخَذَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم الكِتابَ، فَكَتَبَ: هذا ما قاضَى عليه مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ، أي: ما صالَحَ عليه، لا يَدخُل مَكَّةَ سِلاحٌ "إلَّا في القِرابِ"، أي: إلَّا في جُعْبتِه، وألَّا يَخْرُجَ مِن أَهْلِها بأَحَدٍ أَرادَ أنْ يَتَّبِعَه، وألَّا يَمنَعَ أَحَدًا مِن أَصْحابِه أرادَ أَن يُقيمَ بِمَكَّةَ، فَلَمَّا دَخَلَها وَمَضى الأَجَلُ، أي: فَلَمَّا دَخَلَها صلَّى الله عليه وسلَّمَ في عُمْرةِ القَضاءِ، وانْتَهَتْ ثَلاثةُ أَيَّامٍ، جاؤوا إلى عَليِّ بنِ أَبي طالِب رضي الله عنه، وَطَلَبوا مِنه أنْ يُبلِّغَ صاحِبَه بِالرَّحيلِ، فَتَبِعَتْهم ابْنةُ حَمْزةَ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ، واسْمُها أُمامةُ، تُريدُ أنْ تَرحَلَ مَعَهم، فَتَناوَلَها عليُّ بنُ أَبي طالِب رضي الله عنه، فَأَخَذَها بيَدِها، وقالَ لِفاطِمةَ: دُونَك ابْنةَ عَمِّك، أي: خُذيها، فاخْتَصَمَ فيها عليٌّ وزَيدٌ وَجَعْفَرٌ رضي الله عنهم، وأرادَ كُلُّ واحِدٍ مِنهم أنْ يَأخُذَها، فَأَمَّا زَيْدٌ رضي الله عنه؛ فلأنَّه صَلَّى الله عليه وسلَّمَ قدْ آخَى بَيْنَه وبَيْنَ حَمْزةَ رضي الله عنه، وأمَّا عَليٌّ رضي الله عنه؛ فلأنَّها ابنةُ عَمِّه، وأَمَّا جَعْفَرٌ رضي الله عنه فَهي بِنْتُ عَمِّه، وَزَوْجتُه أَسْماءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ رضي الله عنها خالتُها. فَحَكَمَ صَلَّى الله عليه وسلَّم لِخالتِها، وَقالَ: الخالةُ بِمَنزِلةِ الأُمِّ، وقال لعليٍّ رضي الله عنه: أَنْتَ مِنِّي، أي: في النَّسَبِ والمَحَبَّةِ والأسبَقيَّةِ إلى الإسلامِ، إلى غَيْرِ ذلك مِن الفَضائِلِ.

وقالَ لِجَعْفَرٍ رضي الله عنه: أَشْبَهْتَ خَلْقي، وهو الصُّورةُ الظَّاهِرةُ، وَخُلُقي، وهو الصُّورةُ الباطِنةُ مِن الأَخلاقِ والفَضائِلِ، وقالَ لِزَيْدٍ رضي الله عنه: أَنْتَ أَخونا وَمَولانا، أي: أخونا في الإسلامِ وعَتيقُنا، والوَلاءُ لُحْمةٌ كَلُحْمةِ النَّسَب