باب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم54-1
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال: حدثنا خالد الحذاء، عن عكرمة، عن أبي هريرة، قال: «ما احتذى النعال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا ركب الكور بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر». «هذا حديث حسن صحيح غريب»
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم في الجُملةِ خيرَ خَلقِ اللهِ مِن البشَرِ بعدَ الأنبياءِ والمُرسَلِينَ، ولَهُم مَناقِبُ عدَّةٌ، وفضائلُ جَمَّةٌ، وقد اشتهَرَ بعضُهم بمناقبَ جليلةٍ، ومِن هؤلاءِ جَعفَرُ بنُ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو هريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "ما احْتَذى النِّعالَ"، أي: لَبِس النِّعالَ، وهي الحذاءُ الَّذي يُلبَسُ في القَدَمِ، فيَحْميها مِن أذى مُباشَرةِ الأرضِ، "ولا انتَعَل" وهي بمعنى الكلمةِ السَّابقةِ، فتَكونُ مِن بابِ التَّفسيرِ أو التَّأكيدِ، "ولا رَكِب المطَايا"، أي: الدَّوابَّ، "ولا رَكِب الكُورَ"، أي: رَحْلَ النَّاقةِ وما فيه مِن أدواتٍ، "بعدَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أفضَلُ مِن جَعفَرٍ"، أي: لم يَفعَلْ تِلك الأشياءَ بعدَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أفضلُ وخيرٌ مِن جعفرِ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه؛ وفي روايةٍ عن أبي هريرة أيضًا: "وكان أخيرَ الناسِ للمِسكينِ جعفرُ بن أبي طالب"؛ فقيل: يُحمل المُطلَقُ على المقيَّدِ؛ فيكون المرادُ بمُطلقِ الخيريَّة: أنَّ جعفرًا كان أفضلَ الناسِ برًّا بالمساكينِ فيما رآه أبو هُريرَةَ؛ لأنَّ جعفرًا كان إذا سألَه أبو هريرة عن شيءٍ أخَذَه أولًا إلى بيتِه، ثم أطْعَمَه ثم يُجيبُه بعدَ ذلك. وهذا التَّفضيلُ لجَعفرٍ رضِيَ اللهُ عنه لا يَعني تفضيلَه وتقديمَه على الخُلفاءِ الرَّاشدين (أبو بكر وعمر وعثمان وعلي) الُمجمَع على أنَّهم أفضلُ الصَّحابةِ مطلقًا، ولكنَّه ذِكرٌ لميزةِ تميَّز بها جعفرٌ عن غيرِه من الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم فيما يراه أبو هُرَيرةَ رضِيَ اللهُ عنه.
وفي الحديثِ: مَنقَبةٌ وفضيلةٌ لِجَعفَرِ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عَنه.