باب ما جاء ما قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذه لا تغزى بعد اليوم»
سنن الترمذى
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، عن الحارث بن مالك ابن البرصاء قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يقول: «لا تغزى هذه بعد اليوم إلى يوم القيامة»: وفي الباب عن ابن عباس، وسليمان بن صرد، ومطيع. وهذا حديث حسن صحيح. وهو حديث زكريا بن أبي زائدة، عن الشعبي، فلا نعرفه إلا من حديثه
مكَّةُ المكرَّمةُ أحبُّ البِلادِ إلى اللهِ تعالى، وقدْ عَظَّمها اللهُ في قلُوبِ عِبادِه المؤمِنين، وحفِظَها مِن شَرِّ عِبادِه الكافِرين؛ فهي مِن أفضَلِ البِقاعِ على الأرْضِ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ الحارِثُ بنُ مالِكٍ ابنِ البَرْصاءِ: "سمِعتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يومَ فتْحِ مكَّةَ"؛ وكان في السَّنَةِ الثَّامنَةِ مِن الهجْرةِ، ولَم يحتَجِ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم إلى القِتالِ ذلك اليومَ رغْمَ دخُولِه مع جيْشٍ مكوَّنٍ مِن عَشَرةِ آلافٍ، فدَخَلها دون قِتالٍ، "يقولُ"، أي: النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لا تُغزَى"، أي: لا يُقاتَلُ فيها، والنَّفيُ هنا إمَّا إخبارٌ، أو نهْيٌ عن ذلك بمَعنَى: لا تَغْزُوا "هذه"، أي: مكَّةُ، "بعدَ اليومِ إلى يومِ القِيامةِ"، فقيل: المرادُ لا يَغزُوها الكفَّارُ بعدَ الفتْحِ، فترجِعَ دارَ كفْرٍ بذلك؛ ولذا لا يَدخُلُ في هذا الحديثِ ما حدَث مِن قِتالِ المسلِمين فيها أيَّامَ واقِعةِ ابنِ الزُّبَيرِ والحَجَّاجِ وغيرِها.