‌‌باب فيمن يتطوع جالسا1

سنن الترمذى

‌‌باب فيمن يتطوع جالسا1

حدثنا الأنصاري قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك بن أنس، عن ابن شهاب، عن السائب بن يزيد، عن المطلب بن أبي وداعة السهمي، عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: «ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا، حتى كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بعام، فإنه كان يصلي في سبحته قاعدا، ويقرأ بالسورة ويرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها»، وفي الباب عن أم سلمة، وأنس بن مالك،: «حديث حفصة حديث حسن صحيح» وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه «كان يصلي من الليل جالسا، فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ، ثم ركع، ثم صنع في الركعة الثانية مثل ذلك» وروي عنه أنه «كان يصلي قاعدا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم، وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد» قال أحمد، وإسحاق: «والعمل على كلا الحديثين كأنهما رأيا كلا الحديثين صحيحا معمولا بهما»
‌‌

كان نبيُّنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أحسَنَ الناسِ عِبادةً لرَبِّه وقِيامًا بيْنَ يَديهِ سُبحانَه، وقدْ كان الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عنهم يَحرِصون على التَّعلُّمِ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وأخْذِ سُنَّتِه، والعَملِ بها وتَبليغِها لِمَن بعْدَهم.
وفي هذا الحَديثِ تُخبِرُ أمُّ المؤمنين حَفصَةُ رَضِي اللهُ عنها أنَّها ما رأتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم صلَّى في سُبحَتِه -أي: نافِلتِه- قاعِدًا؛ فقدْ كانَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يُصلِّي النَّافلةَ قائِمًا، حتَّى كانَ قبْلَ وَفاتِه بِعامٍ -وفي رِوايةٍ أُخرى: بِعامٍ واحِدٍ أوِ اثنَينِ- فَكانَ يُصلِّي قاعِدًا؛ وذلك لمَّا بدَّنَ وضعُفَ جِسمُه لكِبَرِ سِنِّه، كما في الصَّحيحينِ مِن حَديثِ عائشةَ رَضِي اللهُ عنها.
وأخبَرَت أنَّه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يَقرَأُ بِالسُّورةِ مِن القرآنِ وهو في صَلاتِه، فيَقرَؤُها بِتَمهُّلٍ وَتأنٍّ، «حتَّى تَكونَ أطولَ مِن أطوَلَ مِنها»، أي: أنَّه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بِسَببِ تَمهُّلِه في القِراءةِ يكونُ زمانُ قراءةِ السُّورةِ أطوَلَ مِن زمانِ قِراءةِ سُورةِ أُخرى تَفوقُها في الطُّولِ وعدَدِ الآياتِ.
وفي الحَديثِ: تَرتيلُ القُرآنِ بتَمهُّلٍ وَتأنٍّ.
وفيه: أداءُ صَلاةِ النَّافلَةِ قاعِدًا.