باب ما جاء في رحمة الولد
سنن الترمذى
حدثنا ابن أبي عمر، وسعيد بن عبد الرحمن، قالا: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: أبصر الأقرع بن حابس النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقبل الحسن ـ وقال ابن أبي عمر الحسن أو الحسين ـ فقال: إن لي من الولد عشرة ما قبلت أحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنه من لا يرحم لا يرحم» وفي الباب عن أنس، وعائشة: وأبو سلمة بن عبد الرحمن اسمه عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف وهذا حديث حسن صحيح
رَحمةُ الولدِ الصَّغيرِ ومُعانقتُه وتَقبيلُه والرِّفقُ به مِنَ الأعمالِ الَّتي يَرضاها اللهُ ويُجازي عليها، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّم برًّا رحيمًا بالنَّاسِ جميعًا، لا سيَّما الصِّغارِ، فَيْنبغي الاقتداءُ به في رَحمتِه صِغارَ الولدِ وكبارَهم والرِّفقِ بهم؛ لأنَّ ذلك مِن أعمالِ البِرِّ الواجبِ الاتباعُ فيها.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قبَّل الحَسَنَ بنَ عَلِيِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنهما ابنَ ابنتِه فاطِمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وكان الأقرَعُ بنُ حابسٍ التميميُّ رَضِيَ اللهُ عنه حاضرًا عند رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وَقْتَها، فذكر الأقرَعُ بنُ حابسٍ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ له عَشرةً مِنَ الأولادِ لم يُقبِّلْ أحدًا فيهم، فنظرَ إليه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وأنكر عليه قَولَه وفِعْلَه، وقال: «مَنْ لا يَرْحَمْ لا يُرحَمْ»، يعني: مَن لا يَرحَمِ النَّاسَ لا يَستحِقِّ الرَّحمةَ مِنَ اللهِ. وفي جوابِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للأقرَعِ إشارةٌ إلى أنَّ تقبيلَ الوَلَدِ وغَيرِه من الأهلِ المحارِمِ وغَيرِهم من الأجانِبِ إنَّما يكونُ للشَّفَقةِ والرَّحمةِ لا للَّذَّةِ والشَّهوةِ، وكذا الضَّمُّ والشَّمُّ والمعانَقةُ.
والأقرَعُ بنُ حابِسٍ رَضِيَ اللهُ عنه صحابيٌّ، مِن ساداتِ العَرَبِ في الجاهِلِيَّةِ، قَدِمَ على رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في وَفدٍ مِن تميمٍ فأسلموا، وشَهِد حُنَينًا وفَتْحَ مَكَّةَ والطَّائِفِ.
وفي الحَديثِ: الحضُّ على استعمالِ الرَّحمةِ لجَميعِ الخَلقِ.
وفيه: مشروعيَّةُ تقبيلِ الأطفالِ الصِّغارِ دُونَ شَهوةٍ مُحَرَّمةٍ.