باب ما جاء في طول القيام في الصلاة 1
سنن ابن ماجه
حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، وسويد بن سعيد، قالا: حدثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن أبي وائل
عن عبد الله، قال: صليت ذات ليلة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء. قلت: وما ذاك الأمر؟ قال: هممت أن أجلس وأتركه (1).
رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أعرَفُ الناسِ باللهِ عزَّ وجلَّ، وأخْشاهم له، وأعبَدُهم له، وقد كان صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دائمَ العبادةِ للهِ عزَّ وجلَّ في لَيلِه ونَهارِه، لا سيَّما قِيامِ اللَّيلِ بالصَّلاةِ والذِّكرِ والتَّضرُّعِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه عن طُولِ صَلاةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ باللَّيلِ، فيَذكُرُ أنَّه صلَّى مع النبيِّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ في لَيلةٍ قِيامَ اللَّيلِ، فأطالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في قِيامِه وقِراءتِه، حتَّى إنَّ ابنَ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه فكَّرَ وأرادَ الجُلوسَ أثناءَ الصَّلاةِ، وهذا كِنايةٌ عن تَعَبِه، وهذا لا يكونُ إلَّا لِطُولِ قِيامِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وقد سمَّى ابنُ مَسعودٍ رَضيَ اللهُ عنه هَمَّه بالجلوسِ خلْفَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في صَلاةِ اللَّيلِ بأمْرِ سَوءٍ -وإنْ كان مشروعًا-؛ لأنَّ تَرْكَه للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو قائمٌ وجُلوسَه، كان أمرًا سَيِّئًا مِن جِهةِ الأدبِ، وهذا مِن التَّأدُّبِ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ التَّطويلِ في صَلاةِ اللَّيلِ.
وفيه: أدَبُ الصَّحابةِ مع النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفيه: الحِرصُ على التَّأدُّبِ مع الكِبارِ وأصحابِ الفضْلِ.
وفيه: مُجاهَدةُ النَّفْسِ على عمَلِ الطاعاتِ.