باب ما جاء في عمال الصدقة 3
سنن ابن ماجه
حدثنا عمرو بن سواد المصري، حدثنا ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، أن موسى بن جبير حدثه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري
حدثه أن عبد الله بن أنيس حدثه، أنه تذاكر هو وعمر بن الخطاب يوما الصدقة، فقال عمر: ألم تسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يذكر غلول الصدقة: "أنه من غل منها بعيرا أو شاة أتي به يوم القيامة يحمله"؟ قال: فقال عبد الله بن أنيس: بلى (2).
حرَّم الإسلامُ الخيانةَ والسَّرِقةَ على وجْهِ العمومِ، وهذه الحُرمةُ تصيرُ أشَدَّ إذا وقَعَتْ في مالِ اللهِ تعالى وما يَخُصُّه مِن أموالِ الزَّكاةِ والصَّدقاتِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ الحُبَابِ الأنصاريِّ: "أنَّ عبدَ اللهِ بنَ أُنَيسٍ تَذاكَر هو وعُمرُ بنُ الخطَّابِ يومًا الصَّدقةَ"، أي: ذكَّر أحَدُهما الآخَرَ أمْرَ الزَّكاةِ والصَّدقةِ، فقال عمرُ رَضِي اللهُ عَنه: "ألَمْ تَسمَعْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم حينَ يَذكُرُ غُلولَ الصَّدقةِ"، أي: الخيانةَ والسَّرقةَ مِن أموالِ الصَّدقاتِ والزَّكواتِ، "أنَّه مَن غَلَّ مِنها بَعيرًا أو شاةً أُتِي به يومَ القيامةِ يَحمِلُه؟"، يَعني: أتى بما غَلَّه وأخَذَه مِن الصَّدقاتِ وهو يَحمِلُه يومَ القيامةِ على ظَهرِه كما بيَّنَتْ روايةٌ أخرى، فقال عبدُ اللهِ بنُ أُنيسٍ رَضِي اللهُ عَنه: "بَلى"، أي: وافَقَه عبدُ اللهِ بنُ أُنيسٍ على ما قاله؛ فمَن يَخُنْ مِن صدَقاتِ أو غنائمِ المسلِمين وغيرِ ذلك شيئًا يَأتِ به يومَ القيامةِ في المحشَرِ، وهذا مِن بابِ الفَضيحةِ والإهانةِ على رُؤوسِ الأشهادِ.
وفي الحديثِ: التَّحذيرُ مِن الخيانةِ في أموالِ الزَّكواتِ والصَّدقاتِ.
وفيه: بيانُ أنَّ مَن أخَذ مِن أموالِ النَّاسِ شيئًا في الخَفَاءِ فضَحه اللهُ يومَ القيامةِ، فيَأتي حامِلًا ما أخَذه أمامَ الخلائقِ يومَ القِيامةِ.