باب ما جاء في غسل النبي ﷺ 1
سنن ابن ماجه
حدثنا سعيد بن يحيى بن الأزهر الواسطي، حدثنا أبو معاوية، حدثنا أبو بردة، عن علقمة بن مرثد، عن ابن بريدة
عن أبيه، قال: لما أخذوا في غسل النبي - صلى الله عليه وسلم - ناداهم مناد من الداخل: لا تنزعوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قميصه (1).
موتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان أَعْظمَ مُصيبةٍ حَلَّتْ بالمُسلِمينَ، ولَنْ يُصابَ المسلِمونَ بَعْدَها بِمِثْلِها.
وفي هذا الحَديثِ تُخْبِرُ أمُّ المؤمنينَ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها: أنَّه "لَمَّا أرادوا"، أي: الصَّحابةُ وأَهْلُ البيتِ، وهم عليُّ بنُ أَبِي طالبٍ والعبَّاسُ والفضلُ بنُ عبَّاسٍ وأسامةُ بنُ زيدٍ، "غَسْلَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم" بَعْدَ وفاتِه، قالوا: "واللهِ، ما نَدْري"، أي: ما نَعْلَمُ، "أَنُجرِّدُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ثِيابِه كما نُجرِّدُ مَوْتانا"، أي: نَنْزِعُها عنهُ إلَّا ما بما يَسْتُرُ العَوْرةَ، "أَمْ نُغَسِّلُه وعليه ثيابُه؟"، أي: لا نُجرِّدُه مِنْ ثيابِه ونُغَسِّلُه في ثيابِه، "فلمَّا اخْتَلفوا"، أي: مَن حَضَر مِن الصَّحابةِ، "أَلْقى اللهُ عليهِمُ النَّومَ حتَّى ما مِنْهُمْ رَجُلٌ إلَّا وذَقْنُه في صَدْرِه"؛ تأكيدًا لنَوْمِهِم، ثُمَّ "كَلَّمَهم مُكلِّمٌ"، لعلَّهُ مَلَكٌ أو غيرُه، "مِن ناحيةِ البيتِ"، أي: مِنْ جانِبِه، "لا يَدْرونَ مَنْ هُوَ"، أي: لا يَعْرِفونَ مَن هذا المُتكلِّمُ، فأخبَرَهم: "أنِ اغْسِلوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وعليه ثيابُه"، أي: لا تُجرِّدوهُ مِنْها، "فقاموا إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فغَسَّلُوه وعليه قميصُه"، أي: عليه الثِّيابُ، فكان كيفيَّةُ هذا الغَسْلِ أَنَّهم، "يَصُبُّونَ الماءَ فوقَ القميصِ"، أي: مِن فوقِ الثِّيابِ، "ويُدَلِّكونَه بالقميصِ دونَ أيديهم"، أي: لا يَمَسُّونَ بَشَرَتَه، وكانتْ عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنها تقولُ: "لو اسْتَقْبَلتُ مِن أمري ما اسْتَدبَرتُ"، أي: لو عَلِمتُ وظَهَر لي ما كان مِن تغسيلِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "ما غسَّلَه إلَّا نِساؤهُ"، أي: لَكان زوجاتُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هنَّ اللَّاتي غَسَّلوا النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي الحَديثِ: تَغسيلُ المرأةِ زَوجَها.