باب ما جاء لا صيام لمن لم يعزم من الليل
سنن الترمذى
حدثنا إسحاق بن منصور قال: أخبرنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن عبد الله بن أبي بكر، عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن حفصة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يجمع الصيام قبل الفجر، فلا صيام له»: «حديث حفصة حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه»، وقد روي عن نافع، عن ابن عمر قوله، وهو أصح، «وهكذا أيضا روي هذا الحديث عن الزهري موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه إلا يحيى بن أيوب» وإنما معنى هذا عند بعض أهل العلم: لا صيام لمن لم يجمع الصيام قبل طلوع الفجر في رمضان، أو في قضاء رمضان، أو في صيام نذر، إذا لم ينوه من الليل، لم يجزه، وأما صيام التطوع، فمباح له أن ينويه بعد ما أصبح، وهو قول الشافعي، وأحمد، وإسحاق "
النِّيَّةُ رُكنٌ مِن أركانِ العباداتِ، وفي الصِّيامِ يتَأكَّدُ وجوبُ النِّيَّةِ قبلَ بَدءِ اليَومِ، فيَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "مَن لم يُجْمِعِ الصِّيامَ قبلَ الفجرِ"، أي: مَن لم يَعزِمْ عليه وينتَويه قبلَ أن يَدخُلَ عليه أذانُ الفجرِ، "فلا صِيامَ له"، أي: لا يُجزِئُ صومُه الَّذي صامَه بدونِ نيَّةٍ وعزمٍ يَسبِقُه قبلَ الفجرِ.
وقد ذَكَرَ جمهورُ العُلماءِ أنَّ هذا الحُكمَ مُختَصٌّ بصِيامِ الفَرْضِ كصِيامِ رَمضانَ أو قَضائِه وصِيامِ نذْرٍ، وبالصِّيامِ في الكفَّاراتِ، وأمَّا صِيامُ التطوُّعِ فله أنْ يَنويَه بعدَما يُصبِحُ؛ ففي صَحيحِ مُسلمٍ عن عائشةَ رضِيَ اللهُ عنها، قالتْ: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم ذاتَ يومٍ: يا عائشةُ، هل عندَكم مِن شيءٍ؟ قالتْ: فقلتُ: يا رسولَ الله، ما عِندَنا شيءٌ، قال: فإنِّي صائمٌ... الحديثَ". وقيل غير ذلك.