باب ما يفعل من صلى خمسا 2
سنن النسائي
أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم، قال: أنبأنا ابن شميل، قال: أنبأنا شعبة، عن الحكم، ومغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه «صلى بهم الظهر خمسا»، فقالوا: إنك صليت خمسا، «فسجد سجدتين بعد ما سلم وهو جالس»
الصَّلاةُ عِمادُ الدِّينِ، وعلى المسلمِ أنْ يَلْتَزِمَ اتِّباعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أدائِها، وهذا الحديثُ يُوضِّحُ بعضَ أحكامِ الصَّلاةِ، وهو سُجودُ السَّهْوِ
وفيه يقولُ ابنُ مسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: صلَّى بنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَمْسًا، أي: صلَّى بهم خَمْسَ رَكَعاتٍ في صلاةٍ رُباعيَّةٍ، فلمَّا انْفَتَلَ تَوَشْوَشَ القومُ بينهم، انْفَتَلَ، أي: انصرَفَ من صلاتِه، توشوش القومُ: تَكلَّموا بكلامٍ مُختلِطٍ لا يُفْهَمُ، فلمَّا رأى النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم هذه الوَشوشةَ من المُصلِّينَ سألهم: «ما شأنُكم؟» قالوا: يا رسولَ اللهِ، هل زِيدَ في الصَّلاةِ؟ وهذا سؤالٌ بأدَبٍ ولُطْفٍ؛ مُراعاةً لِمَقامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فردَّ عليهم: «لا»، أي: إنَّ الصَّلاةَ كما هي لم تَزِدْ في الشَّرْعِ، قالوا: فإنَّكَ قد صلَّيْتَ خَمْسًا، أي: خَمْسَ رَكَعاتٍ بدلًا من أربَعٍ، فانْفَتَلَ، أي: انصرَفَ، فسجَدَ سجدتَيْنِ، ثمَّ سلَّمَ، أي: سجَدَ سجدَتَيِ السَّهْوِ بسَببِ زيادةِ ركعةٍ في الصَّلاةِ؛ فإنَّ الزيادة في الصَّلاةِ تَقتضي أنْ يُسجَدَ للسَّهْوِ فقط، وأمَّا النقصانُ فيَقتضي الإتيانَ بالنَّاقصِ، ثمَّ يُسجَدَ للسَّهْوِ
ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «إنَّما أنا بشَرٌ أَنْسى كما تَنْسَوْنَ»، أي: يَجْري عليه أحكامُ البشَرِ من الخطأِ والسَّهْوِ والنِّسيانِ بطبيعتِه البشريَّةِ
وفي الحديث: بيانُ ما كانَ عليه الصحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم مِن أدبٍ واحترامٍ عندَ مراجعةِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم