باب ما يقال إذا أذن المؤذن 3
سنن ابن ماجه
حدثنا محمد بن رمح المصرى، أخبرنا الليث بن سعد، عن الحكيم بن عبد الله بن قيس، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص
عن سعد بن أبي وقاص، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قال حين يسمع المؤذن: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، غفر الله له ذنبه" (2).
زكَّى اللهُ عزَّ وجلَّ بعضَ الأوقاتِ بأنَّ لها فَضلًا، ومِن ذلك أن جَعَلَ بعضَها أرجَى في استجابةِ الدُّعاءِ، وخصَّ بعضَ الأدعيةِ ببَعضِ تلك الأوقاتِ، ومِن ذلك ما يَقولُه السَّامعُ للأذانِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ مَن قالَ عَقِبَ سَماعِه للأذانِ وانتهاءِ المُؤذِّنِ منه: «أَشهَدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحْدَه لا شَريكَ له»، أي: أشهَدُ أنَّه لا مَعبودَ بحقٍّ إلَّا هو، وأُقِرُّ أنَّه لا شَريكَ له في مُلكِه ولا عِبادتِه، «وأنَّ محمَّدًا عبْدُه ورَسولُه»، وقد وُصِفَ بالعُبوديَّةِ الَّتي هي غايةُ التَّذلُّلِ والخُضوعِ؛ لأنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ أتقَى الخَلقِ على الإطلاقِ، ولم يَبلُغْ أحَدٌ مَبلَغَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منَ التَّذلُّلِ والخُضوعِ لِمَولاهُ، والإضافةُ فيه للتَّشريفِ، وهي إشارةٌ إلى كَمالِ مَرتبتِه في مَقامِ العُبوديَّةِ بالقِيامِ في أداءِ حقِّ الرُّبوبيَّةِ، ثُمَّ يَقولُ: «رَضِيتُ باللهِ ربًّا»، أي: رَضيتُ بِرُبوبيَّتِه وبجَميعِ قَضائه وقَدَرِه، «وبِمُحَمَّدٍ رَسولًا» أي: رَضيتُ بجميعِ ما أُرسِلَ به وبَلَّغَه إلينا مِنَ العقائدِ والشَّرائعِ وغيرِها، «وبالإسلامِ»، أي: ورَضيتُ بجميعِ أحكامِ الإسلامِ مِنَ الأوامِرِ والنَّواهي، فرَضيتُه «دِينًا»، أيِ: اعتِقادًا أوِ انقيادًا؛ فإنَّ مَن قالَ هذا الدُّعاءَ «غُفِرَ له ذَنْبُه»، أي: منَ الصَّغائرِ، وفي صحيحِ ابنِ خُزَيمةَ وابنِ حِبَّانِ: «غُفِرَ له ما تَقدَّمَ من ذَنْبِه».