باب ما يقول إذا ودع إنسانا3
سنن الترمذى
حدثنا عبد الله بن أبي زياد قال: حدثنا سيار قال: حدثنا جعفر بن سليمان، عن ثابت، عن أنس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أريد سفرا فزودني. قال: «زودك الله التقوى»، قال: زدني، قال: «وغفر ذنبك» قال: زدني بأبي أنت وأمي، قال: «ويسر لك الخير حيثما كنت»: «هذا حديث حسن غريب»
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم حَريصينَ على أنْ يَدعوَ لهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالخيرِ في سَفَرِهِمْ وحَضَرِهِمْ؛ رَجاءَ حُصولِ الخيرِ.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي أَنَسٌ رضِيَ اللهُ عنه: أنَّه "جاء رَجُلٌ" أي: قَدِمَ رَجُلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال له: يا رسولَ اللهِ: "إنِّي أُريدُ سَفَرًا"، أي: إني أبْتَغي سَفَرًا؛ "فزوِّدْني"، أي: قُلْ لي قولًا أَسْتعينُ بِهِ على سَفَري هذا، وقيل: أي: أَطْلُبُ مِنْكَ دَعْوةً لي في سَفَري، فدعا له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وقال: "زوَّدَكَ اللهُ"، أي: أَعْطاكَ اللهُ "التَّقوى" بفِعْلِ الطَّاعاتِ واجْتِنابِ المعاصي، بحيثُ تَجْعَلُ بينَكَ وبين عذابِ اللهِ وقايةً؛ فهي خيرُ زادٍ، وقيل معناه: رزَقَك اللهُ الاستغناءَ عن المخلوقِ، "فقال" أي: الرَّجُلُ: "زِدْني"، أي: مِنَ الدُّعاءِ فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "وغَفَرَ ذَنْبَكَ"، أي: محا مَعْصيتَكَ، وخطيئتَكَ، فقال الرَّجُلُ مَرَّةً أخرى: "زِدْني" يا رسولَ اللهِ، "بأبي أنتَ وأُمِّي"، أي: أَفْديكَ بأبي وأُمِّي، "فقال" له النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ويَسَّر لَكَ الخيرَ حيثما كُنْتَ"، أي: سَهَّلَ لَكَ الخيرَ في دِينِكَ ودُنياكَ وآخِرَتِكَ؛ في أيِّ مَكانٍ نَزَلْتَ به، وفي أيِّ زمانٍ.
وفي الحديثِ: مجيءُ المسافرِ لأصحابِه وسُؤالِه دُعاءَهم.