باب معيشة آل محمد ﷺ3
سنن ابن ماجه
حدثنا نصر بن علي، حدثنا بشر بن عمر، حدثنا شعبة، عن سماك، عن النعمان بن بشير، قال:
سمعت عمر بن الخطاب يقول: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتوي، في اليوم من الجوع، ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه (2)
كانَ الصَّحابةُ مُقتَدِينَ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ومُستحضِرينَ أحوالَه، وزُهدَه، ومُعلِّمينَ لِمنْ بَعدَهمُ التَّأسِّيَ بِه.
وفي هذا الحديثِ يَتحدَّثُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ رَضيَ اللهُ عنهما مُخاطِبًا ومُعلِّمًا مَن بَعدَه بقَولِه: «أَلستُم في طَعامٍ وَشرابٍ ما شِئتُم؟»، أي: أَلستُم مُنْغمِسينَ في طَعامٍ وشَرابٍ مِقدارَ ما شِئتُم مِنَ التَّوسِعةِ والإِفراطِ فيهِ.
ثُمَّ استدَلَّ بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وأنَّه ما كانَ يَجِدُ أَحيانًا مِنَ الدَّقَلِ ما يَملأُ به بَطنَه، والدَّقَلُ هو رَديءُ التَّمرِ، فضْلًا عن أنْ يَأكُلَ أجْوَدَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهذا يدُلُّ على الزُّهدِ في الدُّنيا، وأنَّه لم يكُنْ يُدِيمُ الشِّبعَ ولا التَّرفُّهَ، لا هو ولا أهلُ بَيتِه، بلْ كانوا يَأكُلون ما يُقِيمُ الرَّمَقَ مُعرِضينَ عن مَتاعِ الدُّنيا مُؤثِرين ما يَبْقى على ما يَفْنى، مع إقبالِ الدُّنيا عليهم ووُفورِها لدَيهم حتَّى وَصَلوا إلى ما طَلَبوا.
ثُمَّ يُوجِّهُ النُّعمانُ بنُ بَشيرٍ رَضيَ اللهُ عنهما كَلامَه لِمنْ يُخاطبُهُم فيقولُ لهم: وأَنتُم لا تَرضَونَ بأَقَلَّ مِن أصنافِ التَّمرِ والجيِّدِ منه وتَعدِّدِ أنواعِه عِندكم مع وُجودِ الزُّبدِ معه، وهَذا يَدُلُّ عَلى تَوسُّعِهم في العَيشِ، وأنَّ الدُّنيا بُسِطَت عليهم، وما يَكتَفون بطَعامٍ دونَ طَعامٍ.
وفي الحديثِ: تَعليمُ الصَّحابةِ لأتْباعِهم ما يُهِّون عليهم أمْرَ الدُّنيا ويُرغِّبُهم في الآخرةِ.